يا وزير التعليم العالي - أسعف نواف

القتل هو إنهاء حياة فرد، والإنهاء هذا ليس مقتصرا على إزهاق الروح إزهاقا ماديا، فهناك أنواع مختلفة من القتل تؤدي إلى تعطيل الفرد وتحويله إلى ميت نفسيا أو أخلاقيا أو إنتاجيا وهذا ما يمكن تسميته الكفر بالواقع، ليغدو كل مافي الحياة غير محفز لأي شيء عندها تتحول الطاقة البشرية إلى طاقة ميتة.
والمجتمعات اليقظة تحرص تماما أن لايموت أفرادها نفسيا أو أخلاقيا أو إنتاجيا لأن في ذلك موات لنموها وتقدمها وحضارتها.
هذا القول لا يدخل في باب البلاغة بل في صميم حياتنا العملية والعلمية، فموات روح الشباب المتحفز الطامح هو موات لكل مشاريع البلد التنموية، ووصلتني مظلمة يمكن بسطها على فئات كبيرة من شباب الوطن وإن لم تجد صدى لحلها فإن النتائج وخيمة، صحيح أنها قضية شخص واحد ولكن هناك آلاف يشتركون معه في قضيته ألا وهي قضية الإحباط.
وقصتنا في شاب يدعى نواف (في مدينة الخبر مرشح لنيل جائزة الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي وحصل على جائزة إدارة التربية والتعليم في الشرقية لسنتين متتاليتين) نواف تخرج من الثانوية العامة القسم العلمي محققا النسبة الكاملة 100 %
هذا الشاب الطموح تقدم لبرنامج خادم الحرمين الشريفين لدراسة الطب فى الدول العربية وكذلك تقدم لجامعة الدمام وجامعة البترول في الظهران وجامعة الملك سعود وجامعة الملك فيصل في الأحساء ومختلف الجامعات السعودية عبر الإنترنت ومع الأسف الشديد لم يجد مقعدا في أي جامعة سعودية حكومية كما أنه لم يقبل في برنامج الابتعاث لدراسة الطب في الدول العربية.
هذه الصدمة النفسية أصابت نوافا بانهيار عصبي وبحالة بكم مفاجئ .
هو الآن يرقد في أحد المستشفيات في مدينة الخبر.
نعم يرقد في المستشفى جراء ما وجده على أرض الواقع، ربما يظن بعضكم أن ردة فعل نواف مبالغ فيها ولكن من هو في ميدان التعليم يعرف طبيعة المتميزين والممتازين دراسيا، فلو أن أحدهم نقص درجة واحدة يظل يبكي طوال النهار لفقدانه تلك الدرجة فما بالكم ونواف الحاصل على النسبة كاملة وجد أنه فقد مستقبله.
وفي موضوع نواف تدخل وزارة التعليم العالي (من خلال جامعاتها التي لم تقبل نوافا) كمذنبين حقيقيين في تعطيل حياة وتميز هؤلاء النوابغ، وهي فرصة للمرور على مركز الموهوبين للسلام عليهم وتذكيرهم بأن الدول التي يعنيها النوابغ تكون هناك جهة معنية بهؤلاء النوابغ وملتصقة بهم حتى إذا أكملوا دراساتهم الثانوية تم ابتعاثهم ورعايتهم فهم علماء ومخترعو المستقبل، ولم أسمع أو أقرأ عن مركز الموهوبين أنه عمل شيئا لهؤلاء النوابغ الذين لم تقبل بهم الجامعات، مع علمي أن ميزانيتهم قادرة لوحدها أن تبتعث عشرات من النوابغ، على أية حال مروري عليهم للسلام فقط (بالرغم أن النائم لا يسلم عليه لكن طفاصة مني).
هذه الحالة مهداة لمعالي الدكتور خالد العنقري وهو بلا شك سيتحرك لنجدة نواف ونجدة مستقبله وإلا فالسلام على طموح المجتمع بالكامل.
بقلم / عبده خال