هذه القصيده للشاعر /جميل بثينه
ألا ليـتَ ريعـانَ الشبـابِ جـديـدُ *** ودهـراً تولـى ، يـا بثيـنَ، يعـودُ
فنبقـى كمـا كنّـا نكـونُ، وأنـتـمُ *** قريـبٌ وإذ مـا تبذلـيـنَ زهـيـدُ
وما أنسَ، مِ الأشياء، لا أنسَ قولهـا *** وقد قُرّبتْ نُضْوِي: أمصـرَ تريـدُ؟
ولا قولَها: لولا العيونُ التـي تـرى *** لزُرتُكَ، فاعذُرْنـي، فدَتـكَ جُـدودُ
خليلي، ما ألقى مـن الوجـدِ باطـنٌ *** ودمعي بما أخفـيَ، الغـداة َ، شهيـدُ
ألا قـد أرى ، واللهِ أنْ ربّ عـبـرة *** ٍ إذا الـدار شطّـتْ بيننـا، ستَزيـد
إذا قلتُ: ما بي يـا بثينـة ُ قاتِلـي، *** من الحـبّ، قالـت: ثابـتٌ، ويزيـدُ
وإن قلتُ: رديّ بعضَ عقلي أعشْ بهِ *** تولّـتْ وقالـتْ: ذاكَ منـكَ بعيـد!
فلا أنا مـردودٌ بمـا جئـتُ طالبـاً *** ، ولا حبهـا فيمـا يبـيـدُ يبـيـدُ
جزتكَ الجواري، يا بثيـنَ، سلامـة *** ً إذا مـا خليـلٌ بـانَ وهـو حميـد
وقلتُ لها، بينـي وبينـكِ، فاعلمـي *** مـن الله ميـثـاقٌ لــه وعُـهـود
وقـد كـان حُبّيكُـمْ طريفـاً وتالـداً *** ، ومـا الحـبُّ إلاّ طـارفٌ وتليـدُ
وإنّ عَرُوضَ الوصلِ بينـي وبينهـا *** ، وإنْ سَهّلَتْـهُ بالمـنـى ، لـكـؤود
وأفنيتُ عُمري بانتظـاريَ وَعدهـا، *** وأبليـتُ فيهـا الدهـرَ وهـو جديـد
فليتَ وشاة َ النـاسِ، بينـي وبينهـا *** يـدوفُ لهـم سُمّـاً طماطـمُ سُـود
وليتهمُ، في كـلّ مُمسًـى وشـارقٍ، *** تُضاعَـفُ أكبـالٌ لـهـم وقـيـود
ويحسَب نِسوانٌ مـن الجهـلِ أنّنـي *** إذا جئـتُ، إياهـنَّ كـنـتُ أريــدُ
فأقسـمُ طرفـي بينهـنّ فيسـتـوي *** وفـي الصّـدْرِ بَـوْنٌ بينهـنّ بعيـدُ
ألا ليتَ شعـري، هـلَ أبيتـنّ ليلـة *** ً بوادي القُـرى ؟ إنـي إذَنْ لَسعيـد!
وهل أهبِطَنْ أرضـاً تظَـلُّ رياحُهـا *** لهـا بالثنايـا القـاويـاتِ وئِـيـدُ؟
وهل ألقينْ سعدى من الدهـرِ مـرة ***ً وما رثّ من حَبـلِ الصّفـاءِ جديـدُ؟
وقـد تلتقـي الأشتـاتُ بعـدَ تفـرقٍ *** وقد تُـدرَكُ الحاجـاتُ وهـي بعِيـد
وهل أزجرنْ حرفـاً عـلاة ً شملـة *** ً بخـرقٍ تباريهـا سـواهـمُ قــودُ
على ظهرِ مرهوبٍ، كـأنّ نشـوزَهُ، *** إذا جـاز هُـلاّكُ الطريـق، رُقُـود
سبتني بعيني جـؤذرٍ وسـطَ ربـربٍ *** وصـدرٌ كفاثـورِ اللجـيـنَ جـيـدُ
تزيـفُ كمـا زافـتْ إلـى سلفاتهـا *** مُباهِيـة ٌ، طـيَّ الوشـاحِ، مَـيـود
إذا جئتُهـا، يومـاً مــن الـدهـرِ، *** زائراً، تعرّضَ منفوضُ اليدينِ، صَدود
يصُدّ ويُغضي عن هـواي، ويجتنـي *** ذنوبـاً عليـهـا، إنّــه لعَـنـود!
فأصرِمُها خَوفـاً، كأنـي مُجانِـبٌ، *** ويغفـلُ عــن مــرة ً فنـعـودُ
ومن يُعطَ في الدنيـا قرينـاً كمِثلِهـا، *** فذلـكَ فـي عيـشِ الحيـاة ِ رشيـدُ
يموتُ الْهـوى منـي إذا مـا لقِيتُهـا *** ، ويحـيـا، إذا فرقتـهـا، فيـعـودُ
يقولون: جاهِدْ يـا جميـلُ، بغَـزوة ***** ٍ ، وأيّ جهـادٍ، غيـرهـنّ، أريــدُ
لكـلّ حـديـثِ بينـهـنّ بشـاشـة **** ُ وكـلُّ قتـيـلٍ عنـدهـنّ شهـيـدُ
وأحسـنُ أيامـي، وأبهـجُ عِيشَتـي *** ، إذا هِيجَ بـي يومـاً وهُـنّ قُعـود
تذكـرتُ ليلـى ، فالفـؤادُ عمـيـدُ، **** وشطـتْ نواهـا، فالمـزارُ بعـيـدُ
علقـتُ الـهـوى منـهـا ولـيـداً، *** فلم يزلْ إلى اليومِ ينمي حبـه ويزيـدُ
فمـا ذُكِـرَ الخُـلاّنُ إلاّ ذكرتُـهـا، *** ولا البُخـلُ إلاّ قلـتُ سـوف تجـود
إذا فكرتْ قالـت: قـد أدركـتُ ودهُ *** وما ضرّني بُخلـي، فكيـف أجـود!
فلو تُكشَفُ الأحشاءُ صودِف تحتهـا، *** لبثنـة َ حــبُ طــارفٌ وتلـيـدُ
ألمْ تعلمـي يـا أمُ ذي الـودعِ أننـي *** أُضاحكُ ذِكراكُـمْ، وأنـتِ صَلـود؟
فهـلْ ألقيـنْ فـرداً بثينـة َ ليـلـة *** ً تجـودُ لنـا مـن وُدّهـا ونجـود؟
ومن كان في حبي بُثينـة َ يَمتـري، *** فبرقـاءُ ذي ضـالٍ علـيّ شهـيـدُ