فـي قـراءة سـورة الـكـهـف خـمـسـة دروس عَـلِـمَـهـا مـن تـدبّـر آيـاتـهـا وجـهـلـهـا مـن قـرأهـا بـدون تـدبّـر . وهـذه الـدروس تـتـعـلـّـق بـالـفِـتـن .
الـدرس الأول : الـفـتـنـة فـي الـدِّيـن .
وهـي قـصـة أصـحـاب الـكـهـف ، لـمّـا فـُـتِـنـوا فـي ديـنـهـم ، خـافـوا أن يـفـتـنـهـم الـمـلـك فـي ديـنـهـم فـاعـتـزلـوا الـنـاس حـفـاظـا عـلـى ديـنـهـم ، فـجـعـلـهـم الله درسًـا لـمـن خـاف الـفـتـنـة عـلـى ديـنـه ، وكـيـف يـتـعـامـل مـع الـفـتـنـة إذا وقـعـت بـيـن الـنـاس .
الـدرس الـثـانـي : الـفـتـنـة فـي الـمـال .
وهـي قـصـة صـاحـب الـجَـنـّـتـيـن ، كـيـف أصـابـه الـغـرور بـمـا عـنـده مـن أمـوال وعـقـار مـن الـبـسـاتـيـن والـحـدائـق وخـدم وأولاد فـأعـجـبـتـه نـفـسـه فـكـفـر لـشـدة غـفـلـتـه وطـول أمـلـه فـأنـكـر فـنـاء هـذه الجـنـتـيـن والـحـدائـق ومـا قـال مـا شـاء الله لا قـوة إلا بـالله فـرَدّ مـا هـو فـيـه مـن خـيـر ونـعـمـة لـجـهـده واجـتـهـاده ، ثـم تـجـرأ فـأنـكـر الـبـعـث ، ثـم تـجـرأ أكـثـر عـلـى الله فـقـال ... إن رجـعـت إلـى ربـي عـلـى فـرضـك وتـقـديـرك ( جـوابـا لـصـاحـبـه ) فـإنـنـي فـي الـدنـيـا غـنـي وسـأكـون فـي الآخـرة غـنـي أيـضـا . فـكـانـت عـاقـبـتـه خـسـرانـه دنـيـاه وآخـرتـه .
الـدرس الـثـالـث : الـفـتـنـة فـي الـعـلـم .
وهـي قـصـة مـوسـى عـلـيـه الـسـلام والـخـضـر . وفـيـهـا درسٌ أن الـنـبـي لا يـلـزمـه الـعـلـم بـكـل شـيء مـن الـقـصص والأخـبـار ، وأنـهـم يـرتـحـلـون لـطـلـب الـعـلـم الـنـافـع ، وهـو درس لا يـنـبـغـي لـمـن يـطـلـب الـعـلـم أن يـغـفـل عـنـه ، فـالـتـرحـال لـطـلـب الـعـلـم الـنـافـع مـحـبـوب وهـو مـا فـعـلـه مـوسـى عـلـيـه الـسـلام لـعـظـم شـأن الـعـلـم وتـعـظـيـمًـا لـه . ولا يـنـبـغـي لـمـن تـعـلـم الـعـلـم أن يـقـول أنـه أخـذ بـكـل الـعـلـم ، وأنـه أصـبـح عـالـمـا مـن أعـلـم الـنـاس . كـمـا أن طـلـب الـعـلـم مـن أهـل الـعـلـم يـكـون بـأدب بـالـغ ومـلاطـفـة بـالـغـة ، وهـذا مـا فـعـلـه مـوسـى عـلـيـه الـسـلام فـقـد طـلـب مـن الـخـضـر أن يـكـون تـابـعًـا لـه لـيـتـعـلـم مـنـه الـعـلـم .
الـدرس الـرابـع : الـفـتـنـة فـي الـصـبـر .
الأحـداث الـتـي جـرت فـي قـصـة مـوسـى عـلـيـه الـسـلام فـي طـلـب الـعـلـم مـع الـخـضـر فـيـهـا درسـان :
الأول :ضـرورة الـصـبـر عـلـى مـعـرفـة الـعـلـم وعـدم الاسـتـعـجـال فـي مـعـرفـة الـنـتـائـج وهـذا تـرويـض لـلـنـفـس عـلـى أخـذ الـعـلـم بـهـدوء ورويّـة وسـكِـيـنـة وتـفـكـيـر وحُـسْـنَ تـدبّـر فـي مـا يُـتـلـقـّـى مـن الـعـلـم .
الـثـانـي :الإيـمـان بـالـقـضـاء والـقـدر ، وعـدم الـسـؤال لـمـاذا أراد الله كـذا ولـمـاذا لـم يـكـُـن كـذا ولـمـاذا كـان كـذا ، ولـو كـان كـذا لـكـان كـذا ، ولـو فـعـلـت كـذا لـكـان كـذا ... فـهـذه أمـور يـجـب الـتـسـلـيـم بـهـا والـرضـا بـمـا قـدّرهُ الله وعـدم الـمـجـادلـة والـنـقـاش فـيـه .
هـذان الـدرسـان تـرويـض لـلـنـفـس عـلـى الـصّـبـر عـنـد نـزول الـقـضـاء والـقـدر .
الـدرس الـخـامـس : الـفـتـنـة فـي الـسـلـطـان .
وفـي سـورة الـكـهـف ذكـر الله سـبـحـانـه وتـعـالـى قـصـة ذو الـقـرنـيـن وكـيـف فـتـنـه الله بـالـسـلـطـان والـمُـلـك ، فـكـان يـجـوب الأرض ولا يـكـاد يـسـتـقـر يـتـفـقـد رعـيـتـه ويـدعـوهـم لـلإصـلاح ودرء الـفـسـاد والـمـفـاسـد ، وكـان يـأخـذ بـالأسـبـاب ويـسـتـعـيـن بإمـكـانـيـات غـيـره الـمـتـاحـة لـدرء الأخـطـار عـن رعـيّـتـه ، وكـان يـجـازي بـالـثـواب لـمـن أحـسـن وبـالـعـقـاب لـمـن أسـاء .
والـدرس مـن قـصـة ذو الـقـرنـيـن هـو درس لـلـعـامّـة مـن الـنـاس أيـضـا .
فـالـكـل مـنـّـا لـه سـلـطـان ، الأب سـلـطـانـه عـلـى بـيـتـه وأسـرتـه ، والـمـوظـف سـلـطـانـه عـلـى مـن تـحـت إدارتـه وعـمـلـه ، والـمـدرس سـلـطـانـه عـلـى تـلامـيـذه ، وهـكـذا كـل فـرد فـي الـمـجـتـمـع لـه سـلـطـان عـلـى مـن هـو مـسـئـول عـنـهـم فـهـو مـسـئـول عـن رعـايـتـهـم وإرشـادهـم وإصـلاحـهـم ودرء الـمـفـاسـد والـفـتـن والأخـطـار عـنـهـم .
فـهـل تـدبـرنـا هـذه الأسـرار والـدروس
نـسـال الله الـعـفـو والـعـافـيـة فـي الـدِّيـن والـدنـيـا
الـلـهـم ارزقـنـا حـسـن تـدبّـر كـتـابـك الـكـريـم
وعـلـّـمْـنـا مـنـه مـا جـهـلـنـا وذكـرنـا مـنـه مـا نـُـسِّـيـنـا
الـدروس الـخـمـسـة فـي سـورة الـكـهـف ....
العرض العادي
