الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى القصص والروايات ساحة القصص الشعبية والروايات الأدبية

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-05-07, 05:21 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مجلس الادارة
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية المهندس عبدالكريم الفته

 

البيانات
التسجيل: Feb 2007
العضوية: 455
المشاركات: 2,560 [+]
بمعدل : 0.38 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 483
نقاط التقييم: 10
المهندس عبدالكريم الفته is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
المهندس عبدالكريم الفته غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى القصص والروايات
افتراضي مات (عـم ناجي) ،،، عاش محروما من الأبناء ! ول

بسم الله الرحمن الرحيم

مات ( العـم ناجي ) ،،،
عاش محروما من الأبناء !!! ولكن !!!


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،

هذه قصة حقيقية ،،، أرويها من مشاهداتي الشخصية ،، وليست من نسج الخيال ،،،

قبل أيام فقط ،، ( مساء الخميس الماضي ليلة الجمعة المباركة ) ،، سمعت خبرا محزنا ، عن
إنسان أعرفه منذ نعومة أظفاري ،،،، بل هو من معارف عائلتنا قبل ميلادي بأعوام طويلة ،،،،
وربما منذ كان أبي ( حفظه الله ) غلاما صغيراً !!!!!! ...................

إنه ( عـم ناجي ) ،،، بهذا الاسم عرفه الصغير والكبير ، من جميع الأقارب والمعارف وسكان
الحي الذي يسكنه ،، والأحياء الأخرى التي كان يزورها ،، والأسواق التي كان يتجول فيها ،،،
وأخيراً حتى عمال المؤسسة الذين يجاورونه في آخر مسكن أقام به في آخر سنوات عمره ،،،،

لم نكن نعرف بالتحديد كم يبلغ من العمر، إلا أنني قدرت بأنه جاوز التسعين عاما ،، وذلك من
جوابه على سؤال سألناه إياه من فترة طويلة ،، أذكر أنه قال لنا ،،،، إن فلانة كنت أحملها على
كتفي عندما كانت طفلة صغيرة بين سنتين وثلاث سنوات ،،،،،،، وفلانة التي يتحدث عنها هي
إحدى قريباتي تجاوز سنها الآن ثمانين عاما ( أمد الله في عمرها ) ،،،،،،،،،،،،،،،، .

وما يحكى عنه ،،،، أنه قدم مع والده وهو طفل صغير ،، إلى مكة المكرمة ، من إحدى القرى
القريبة ، منذ أكثر من ثمانين عاما ،، حيث كانت صعوبة الحياة وشظف العيش سائدين في تلك
الأيام ، وكان الأب يبحث لابنه الصغير عن عمل يكفيه مؤونته ،، ويحفظ مروءته من التسول ،
ولو بطعام ليومه ومكان لنومه ،،، ووجد مطلبه عند رجل من أهل مكة ،،،،،،،

كان الرجل يقيم في دار صغيرة مع أسرته الصغيرة ، وملحق بالدار حوش صغير ، يحتفظ فيه
بدوابه ، من الخيول والبغال والحمير " أكرمكم الله " ،، التي يؤجرها للمسافرين والتجار لجلب
بضائعهم من جدة إلى مكة ،، واقتطع جزءا من ذلك الحوش لبناء عدد من الأفران (حفر التنور)
الخاصة بعمل الندي (الأكلة المعروفة بالحجاز) وكان هذا الرجل مشهورا بإتقانها ،،

أقام الغلام (ناجي) عند هذا الرجل في مقعد بأسفل الدار له باب يؤدي إلى الحوش ،، وبدأ عمله
برعاية الدواب ، وإطعامها وتنظيف الحوش ، ثم تعلم ذبح الخراف وسلخها وتجهيزها لإدخالها
التنور ،، وبقي مع عمه المكاوي سنين طويلة ، لا يزور أهله إلا في النادر ،، وكذلك كان أبوه
يمر للاطمئنان عليه كلما نزل السوق ،، ويأخذ ما يجمعه من أجرة عمله ،،

كان المكاوي يحسن تعامله مع ناجي ، يطعمه من طعام بيته ، ويلبسه مما يلبس حتى ظنه كثير
من سكان الحي أنه من أقاربه ،،،، خصوصا وأنه لم يرزق بأولاد حتى أصبح ناجي شاباً ،،،،
ولم يدرك ناجي التعليم ،،،، الذي لم يكن متيسرا إلا لأبناء الأغنياء بمكة ،، فشب على اكتساب
المهنة من عمه المكاوي ،،، وأصبح ماهرا بها ،، ومع تقدم المكاوي في السن ترك عمل النقل
بالدواب بعد انتشار السيارات ،، واقتصر عمله على إعداد الندي ، ويساعده ناجي في ذلك .

وأدخل المكاوي ،، أولاده المدارس ،، ورغم أنهم كانوا يساعدونه في عمله ،، إلا أنهم توجهوا
للعمل في الوظائف الحكومية ،، وبقي ناجي يهتم بالعمل حتى توفي عمه المكاوي (رحمه الله) .
وعند وفاته أوصى أولاده بناجي ، وأن يعاملوه كما كان يعامله في حياته ،،، فالتزموا بوصيته
فكانوا إذا انتقلوا من مسكنهم ،، بحثوا عن بيت له حوش لعمل ناجي ، ومقعد لإقامته ، وكذلك
عندما بنوا لأسرتهم منزلا خاصا ، أفردوا لناجي من المنزل ما يحتاجه لإقامته وعمله ، وهكذا
حتى اشترى لنفسه حوشا خاصا لعمله ، ولكن إقامته استمرت ملازمة للمنزل الذي يقيمون فيه .

تلك كانت حياة (العم ناجي) من طفولته وحتى وفاته ،،،،

كان (العم ناجي) ، لسبب ما عازفا عن الزواج ،، رغم محاولات عمه المكاوي ومن بعده أبنائه
لحثه على الزواج ، واستعدادهم بدعمه ماديا ومعنويا ، إلا أنه كان يؤجل ذلك بحجة أنه لا رغبة
له بالزواج في تلك الأيام ،،، حتى تقدمت به السن ، وفاته القطار (كما يقال) ،،،،،

ومع ذلك ،، كان عم ناجي شديد التعلق بالأطفال ، منذ صغره وحتى شيخوخته ، كان أبناء عمه
المكاوي ومن بعدهم أحفاده ، وكذلك أبناء الجيران في الأحياء التي سكن فيها ،، يشغلون جانبا
كبيرا من حياته المحرومة من الأبناء ، فيجد فيهم إشباعا لتلك المشاعر الفياضة بمحبة الأطفال
كان يفرح لفرحهم ، ويحزن لحزنهم ، يغدق عليهم بالهدايا من الألعاب والحلويات ، وإذا غابوا
عنه ، ذهب إلى منازلهم يسأل عنهم ،،،، وربما وجد أحدهم مريضا ،،،،، فيتألم لذلك وقد تسيل
دموعه وتمر الأيام والسنين ،، فيكبر جيل من الأطفال ،، ويبتعدون عن محيط ناجي وحياته ،،
وينشغلون عنه بحياتهم الخاصة ودراستهم وأعمالهم ومن ثم زواجهم وأبنائهم ،،،، ويبدأ ناجي
حياة جديدة مع جيل جديد من الأطفال يتابع نمط حياته التي تعود عليها أجيالا بعد أجيال ،،

وفي السنوات الأخيرة من عمره ،، ضعف بصره وثقل سمعه ،، وقلت حركته خصوصا بعد
تعرضه لحادث سيارة صدمته وهو يقطع الشارع ،، فكسرت ساقه ، وبعد علاجه صار يمشي
متوكئا على عصاه الطويلة ،، التي تعودنا على رؤيته بها في تلك الأعوام ،،، ربما كانت تلك
الأيام هي أقسى فترة على نفسه ،،،، وكم كان محزنا أن نراه يتحسس الجدار ليجد طريقه من
مسكنه حتى باب المؤسسة بجواره ، ينادي أحد العمال ليقضي له طلبا ، ثم يعود ليجلس وحيدا
على دكته بجوار باب مسكنه ،، يمسك بعصاه الطويلة ،، ورأسه مرفوعة نحو السماء لا يكاد
يرى من حوله ،، وإذا اقترب منه شخص لم يتعرف عليه إلا بعد التحدث إليه بصوت عالي ،
وإذا كان المتحدث من معارفه ، أمسك بيده وشده إليه ليجلس بجانبه ،،، ولا يترك يده ويأخذ
بالسؤال عنه وأهله وأصدقائه ، فردا فردا ،،، كيف حال فلان ،، وماذا فعل فلان ، وهل عاد
فلان من السفر ، ويتحدث عن ذكرياته معهم منذ كانوا أطفالا ( ربما ليشبع حاجته من محبة
الأطفال مع الذكريات ) وهكذا لفترة طويلة ، حتى يمل الجالس معه ،،،، فـيحتال لسحب يده
من يد ناجي ،، ويعتذر بمشاغله للانصراف .

وقبل شهرين ،،،، سمعنا الخبر المحزن ،،،، (العم ناجي) أصيب بجلطة في الدماغ ونقل إلى
المستشفى ، وأدخل العناية المركزة ، ودخل في غيبوبة ،، زاره أبناء عمه المكاوي وأبناؤهم
وأصهارهم وأحفادهم ،، لكنه كان غائبا عن كل من زاره ،، لم يعد يطلب اقتراب ذلك الطفل
الذي جاء لزيارته ليقبله ،، ويناوله هديته التي يحتفظ له بها في جيبه ،،،،، ولم يعد يمسك بيد
زائره ولا يتركها إلا بطلوع الروح ،،

وخلال تلك الفترة سافر ابن عمه المكاوي إلى خارج البلاد ،، وأوصى أولاده بمداومة زيارة
ناجي ، ومتابعة حالته الصحية ،،،،، وإذا شفاه الله ،، أن يعيدوه إلى مسكنه ، ويراعوا قضاء
احتياجاته ، وإذا توفاه الله ،، أن يتصلوا بقريبه الوحيد ،،،، وهو ابن أخ لناجي ،،،، لاستلامه
من المستشفى ،، وأن يتولوا بأنفسهم العمل على تجهيزه ، وإجراءات جنازته والصلاة عليه ،
كأقل واجب يؤدونه إليه وفاء له ولذكرى جدهم الذي رباه ، وأوصاهم به ،،،،،،،،،،،،،

وتم ذلك ،، فقد تبلغ الأبناء بوفاة عمهم ناجي ،، واستدعوا ابن أخيه ،، واستلموا الجثة وقاموا
بما أوصاهم به والدهم المسافر ،، وغسل ناجي ،، وصلي عليه صلاة فجر الجمعة بالمسجد الحرام
وأدى الصلاة عليه ،، مئات الألوف من زوار بيت الله والمعتمرين ،،

وللأسف ،، لم يقام مجلس عزاء لناجي ،،، فابن أخيه لا معارف له يأتون لعزائه ،، وأحباب
ناجي من الصغار أصبحوا كبارا ، وباعدت بينهم مسافات الزمان والمكان ، وفرقتهم مشاغل الدنيا ،،

ولـــــــــــــكــــــــــــــــــــــن ..............................

هل رحل ناجي عن الدنيا وحيدا ؟ كما عاش وحيدا !! يتعلق به الأطفال ما داموا أطفالا !!!!
ثم يكبرون فيبتعدون !! ويأتي غيرهم ليحل محلهم في قلب ( العم ناجي ) !! حتى أصابه شبه
العجز في أواخر عمره ،، فلم نعد نرى من يجالسه من الأطفال !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

فانظروا ،، ماذا كتب الله للعم ناجي ،،، وهو يغادر الدنيا ،، التي عاش فيها بمسكنه وحيدا ،،،

كانت هناك جنائز أخرى ، صلي عليها في المسجد الحرام ،،،،،، من بينهم طفلة صغيرة لا
يتجاوز سنها الثلاث سنوات ،، وبعد الصلاة عليهم ،، حملوا إلى مقبرة المعلاة بمكة المكرمة ،
وفوجئ أهل الطفلة أنهم مطالبون بنقل طفلتهم ،، إلى مقبرة أخرى ،،، حيث أنه لا توجد حاليا
مقابر مخصصة للأطفال في مقبرة المعلاة ،،،

فــمـــا الــعـــمــــــــل ؟؟

إنها مشيئة الله ،،، أن يضطر أهل الطفلة إلى استئذان من يتولى دفن العم ناجي ،، أن يسمحوا
لهم بدفن طفلتهم معه في نفس القبر ،،،، ليكون آخر منازله في الدنيا قد حقق أمنية حياته التي عاش
فيها قريبا من قرن من الزمان ،، ولم يسعد فيها بطفل يشاركه مسكنه ولو ليوم واحد ،،،،،،،

فسبحان المعطي الوهاب ،،،،،،،،،،

رحمك الله ،، يا عم ناجي ، وغفر لك ، يا من أحببت أحباب الله من الصغار ،
وبعثك يوم القيامة مع شريكتك في قبرك شـافعة لك عند الله ،،،،،،،،،،،،،

{وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}
(25) سورة الشورى

أخوكم /
المهندس عبد الكريم الفته
مكة المكرمة















عرض البوم صور المهندس عبدالكريم الفته   رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عقوق الأبناء الأسيرة منتدى المواضيع الاجتماعية و الأسرية 5 03-06-08 02:09 PM
فضايح اسمائكم بس لا احد يزعل @اني خيرتك فختاري@ منتـدى الــمــواضـيـع الــعــامــة 3 22-05-08 11:07 AM
أطفالنا ( فلذات أكبادنا التي تمشي على الأرض) صفاء قسم مواضيع الاطفال و البراعم 69 21-05-08 08:24 PM
حضارة وادي السند الزيزفون الكاتب و الأديب / سلطان الحويطي 2 23-04-07 07:44 PM


الساعة الآن 09:45 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL