يمكنك أن تراقب تعامل الكائنات المختلفة مع بيئتها المحيطة بها، كيف تستظل بالأشجار لتحتمي من الشمس والمطر، كيف تستخدم أخشابها لبناء منازلها وأوراقها لصنع عش أو لاستخراج مادة كيميائية مفيدة، ستجد أن هذه الكائنات تختلف حسب حاجتها وحسب قدراتها العقلية في التعامل مع هذه البيئة.
لو نظرنا وتأملنا التطور البشري التقني والتقدم الحضاري عبر التاريخ، للاحظنا كيفية تعامل الإنسان مع البيئة المحيطة به، فهذا الإنسان يحاول أن يكتشفها منذ أن يفتح عينيه طفلا محاولا التعرف على الخيالات المحيطة به، إلى صنعه مراصد تراقب السماء باحثة عن نجومها وكواكبها، يدرس حركة الرياح وتجمع الغيوم ونزول المطر، يراقب الأرض من حوله يسجل أنواع الكائنات والنباتات التي تمر عليه، يحاول أن يعرف خصائصها ومميزاتها، يصنفها في تسلسل معرفي يفهرسها في مراجع علمية، يدرس أنظمتها البيوكيميائية. يتأمل البحار والأنهار، يسرح مع حركة الموج ليكتب عن مشاعره ويتأمل وجه الحبيبة مطبوعا على خد القمر، وفي نفس الوقت يصنع السفن والغواصات لعبور البحار والمركبات الفضائية للوصول للقمر وربما أبعد.
رحالة كان هذا الإنسان أو مستوطنا ومستقرا وعبر فترات تاريخية مختلفة استمر متفاعلا مع بيئته، تفاعله هذا قد أدى للتأثير على طبقة الأوزون وانحسار في الغابات وتأثير سلبي على بعض الكائنات وزيادة في التلوث، لكن في نفس الوقت هو يدرس هذه الظواهر ويبحث عن وسائل لتفادي أخطاء اللامبالاة والآثار السلبية للجهل المعرفي بأهمية الحفاظ على هذه البيئة.
الإنسان لا يفكر في أن يبحر عكس التيار بعناد أو يتجاهل قوانين هذه البيئة بل هو يتعامل معها طيّعا متعايشا قدر استطاعته، يهرب للظل مبتعدا عن حر الشمس، يصنع المكيفات للتحكم في درجة الحرارة، وأجهزة التدفئة لتساعده على تحمل البرودة، يحاول أن يفهم تارة وأن يبحث تارة وأن ينتج تارة أخرى وأحيانا يدمر في حرب غبية جزءا من تاريخه وكثيرا من مكتسباته، محير هذا الإنسان ويبقى كائنا صغيرا يحاول أن يضع بصمة تدل على وجوده أو أنه مر يوما من هنا.
ندى الطاسان