تغول رجال الأعمال !

هناك حيلة تمارس دائما من قبل «رجال الأعمال» حين يتداخل القطاع العام مع الخاص، كالمدارس الأهلية ــ على سبيل المثال، فمالك المدرسة يستغل التداخل بين وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل، ويقفز من جهة لأخرى في مسألة الحد الأدنى للرواتب والإجازات التي تقرها وزارة التعليم وما تقره وزارة العمل للموظفين، ودائما يكسب لما يملكه من نفس طويل في المماطلة.

يكسبون أيضا ــ أي رجال الأعمال ــ حين تتداخل مؤسساتهم مع القطاع العام لتشغيله، كما في جامعة جازان، حيث عاملات النظافة التابعات لمؤسسة خاصة، وبسبب الحاجة، قبلن مرتبات بين «950 و1200 ريال»، والجامعة لا تفعل لهن شيئا، بحجة أن من وقع العقد وزارة التعليم العالي.

كذلك يكسبون ــ أي رجال الأعمال ــ حين يستولون على سوق الخضار «الجملة والتجزئة»، فتتفتق ذهنية محافظ بلجرشي «سفر بن سويد» على أن الحل بتشغيل الشباب من قبل التجار في سوق الخضار بدلا عن العمالة الوافدة، على أن يدفع التجار جزءا من الراتب مقابل أن يدفع صندوق تنمية الموارد البشرية 2000 ريال، مع أن الحل العادل أن تفك الأمانة يد التجار عن محلات سوق التجزئة، وتؤجره للشباب ليعملوا هم في التجزئة لا أن يترك الجمل بأكمله لرجال الأعمال.

ومسألة أن يدفع صندوق تنمية الموارد البشرية نصف الراتب في كل صراع بين المجتمع ورجال الأعمال حتى لا تقل أرباحهم، هي أكبر دليل على أن رجال الأعمال يكسبون دائما، وهذا يجعلني أتساءل: أليست الاستراتيجيات والخطط والقوانين توضع لحماية الضعيف من القوي، فكيف أصبح الحل المناسب لكل مشكلة يواجهها الموظف والموظفة في تدني الأجور، ألا تمس أرباح رجال الأعمال، ويؤخذ من المال العام الذي هو ملك أجيال المستقبل؟

بقي أن أقول: إن رجال الأعمال يحتاجهم أي مجتمع لينعش اقتصاده، وبدونهم أو بوضع قوانين جائرة عليهم ستهرب رؤوس الأموال إلى الخارج، فيتضرر اقتصاد البلد.

في نفس الوقت تركهم يربحون أي صراع مع المجتمع، أو الاعتماد على أن تحكمهم «المبادئ والقيم والأخلاق»، فجل رجال الأعمال «براجماتون»، يعتمدون على ما يسن ويطبق من قوانين، ويبحثون عن ثغرات في القوانين ليحققوا مزيدا من الأرباح؛ لأن هدفهم الأول زيادة الأرباح، وهذا ما يجعلهم دائما مستعدين للتغول إن سنحت الفرصة

صالح ابراهيم الطريقي
عكاظ