المرحوم ساهر

انبرى بعض المحامين يخبروننا أنه ليس من حق المواطنين مقاضاة نظام «ساهر» المروري على أخطائه السابقة، لأن العبرة في القانون تتعلق بوقت صدور القرار الجديد الذي يمنعه من ارتداء طاقية الإخفاء والتسكع خلف الأشجار والجسور والأنفاق. وبذلك يبدو أن هذا النظام البائس، قد نجا بجلده مرة أخرى بعد أن سقطت في الماضي عدة قضايا رفعت ضده من محامين أيضا ومن مواطنين متضررين حسب دعاواهم.

السيد ساهر إذا، لم يحدث سوى مزيد من اللغط والمشكلات والتحفظات، بينما فشل فشلا ذريعا في حل مشكلة الحوادث المرورية التي تودي بآلاف الأرواح سنويا ولم يغير في السلوك المروري شروى نقير.

في التقارير الصحافية، التي نشرت على هامش الجدل المجتمعي حول هذا النظام، اتضح أنه لم يكن له تأثير البتة في الحد من الحوادث منذ بدء العمل به في نهاية 2010، ففي عام 2011، بلغ عدد ضحايا حوادث الطرق أكثر من 7153 شخصا، وهو رقم يفوق عدد ضحايا العنف في العراق للعام نفسه، الذي بلغ نحو 4200 شخص، كما أنه أعلى من عدد ضحايا حرب الخليج الذي بلغ 5200 شخص فقط.

وفي عام 2013، أكدت مصادر رسمية أن معدل وفيات الحوادث بلغ 17 شخصا يوميا، بمعدل شخص كل 40 دقيقة، كما بلغ عدد المصابين أكثر من 68 ألفا سنويا، وزادت الخسائر المادية على 13 مليار ريال في السنة.

ولم تختلف إحصاءات 2013 عنها في عام 2015، الذي أعلن فيه مدير إدارة السلامة المرورية في المديرية العامة للمرور، أن المملكة تخسر سنويا 20 مليار ريال نتيجة الحوادث المرورية، مذكرا إلى أن 90 في المائة من هذه الحوادث سببها قادة السيارات، ومضيفا بأن 60 في المائة من الحوادث خارج المدن وسببها السرعة الزائدة وعدم التقيد بالسلامة المرورية.

وهكذا لم يقدم هذا (الساهر) على راحتنا وسلامتنا سوى الوهم بينما حصد من جيوب السائقين المليارات التي كان يمكن أن تسخر لتوظيف آلاف الشباب المؤهلين في السلك المروري ونشرهم على الطرق وفي شوارع المدن ليراقبوا ويعاقبوا كما يجب ودون تعسف. وبما أن هذه التجربة خابت وفشلت، حسب الأرقام المروعة أعلاه، أعتقد أنه فعلا قد حان الوقت لندفن هذا النظام الذي لا تجوز عليه إلا الرحمة، وربما جازت عليه أشياء أخرى حسب الضرر وتفريغ جيوب الضعفاء في عملية تصيد سابقة كانت واضحة ومؤسفة.

محمد العصيمي
عكاظ