هي حقيقة وليست مبالغة عندما يقال إن المملكة أصبحت تستقطب الأنظار وتجذب الانتباه أكثر من ذي قبل، وبدرجة أكبر مما كان خلال أحداث وظروف وتحولات سابقة ومهمة أيضا. الكثير من الذين لم تكن لديهم غير تلك الصورة الذهنية التقليدية عن بلد غني بالبترول وفي داخله كثير من التعقيدات التي يحاول تجاوزها أصبحوا اليوم يتساءلون ماذا يحدث في هذا البلد بالضبط رغم الانخفاض الحاد في أسعار السلعة الوحيدة التي تمثل دخله. كثير من الذين نقابلهم خارج المملكة يودون معرفة ما يحدث بالضبط وكيف تقود المملكة عبر تحالف كبير حربا ضروسا في اليمن، وتشترك في تحالف دولي آخر للقضاء على داعش، وتتبنى دعم المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا، تشتري السلاح بالمليارات ومع ذلك هي ملزمة بتسيير برامج تنمية داخلية كثيفة وعليها التزامات ضخمة تجاه مواطنيها لتسيير الوطن دون اخلال باتجاهه نحو المستقبل.
المعادلة وببساطة شديدة أنه لا شيء سيكون مهما أو له أولوية إذا لم يكن لأي وطن قوته التي تحميه من نوايا عبث الآخرين به، ولن تكون لأي وطن قيمة إذا استسهل الآخرون التعدي عليه، وأي شيء مهما كان لن يكون له معنى لدى المواطن إذا لم يكن يشعر بالأمن التام في وطن قادر على حمايته. المملكة التي تحرص طوال تأريخها على عدم التدخل في شؤون الآخرين وجدت الآخرين يريدون العبث بداخلها واختراق أمنها وزعزعة استقرارها فلم يكن أمامها غير إعلان أنها ليست مهيضة الجناح وأنها قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها. مسألة الاعتماد على الآخرين مغامرة ومقامرة في هذا الوقت الذي تتلون فيه السياسات العالمية وتفضح مخططاتها بصورة سافرة.
لا مشكلة إذا تأجلت بعض الأشياء أو تأخرت قليلا بعض البرامج أو حتى عانى المواطن مؤقتا في سبيل أن يحيا في أمن وأمان. الوحدة الوطنية والتفاهم والتفهم والوضوح والصراحة بين الدولة والمواطنين هي الركيزة الأولى لأن نجتاز هذه الظروف العصيبة من حولنا ونمنعها من الوصول إلى حدودنا. باختصار نود القول للذين يستفسرون عن ماذا يحدث في المملكة أنه لا شيء أكثر من استمرارها متماسكة قوية آمنة. لقد فهمنا اللعبة ونعرف كيف نديرها بأنفسنا.
حمود ابو طالب
عكاظ