وزراء الزراعة العرب يطلقون إعلانا "مبهما" من الرياض للأمن الغذائي
الرياض - عمر عبد العزيز
على الرغم من الوضع الحرج للأمن الغذائي العربي وخاصة مع تزايد حجم الفجوة الغذائية، لم يتوصل وزراء الزراعة العرب والخبراء الزراعيين خلال خمسة أيام هي عمر اجتماعات الجمعية العمومية الثلاثين للمنظمة العربية للتنمية الزراعية في العاصمة السعودية الرياض، بنتائج ملموسة على الأرض لتعزيز وضع الزراعة العربية، بهدف تحقيق الأمن الغذائي العربي.
الوزراء أطلقوا في ختام الاجتماعات أمس الأربعاء 30 -4-2008، "إعلان الرياض" كمبادرة لبرنامج عربي طارئ للأمن الغذائي، تهدف إلى زيادة واستقرار إنتاج الغذاء في الوطن العربي، وبخاصة إنتاج الحبوب والبذور الزيتية والسكر، لكن الإعلان خلا من تحديد آليات واضحة لتحقيق استقرار إنتاج الغذاء، فيما كان وفد السودان أكثر حرصا على استغلال الاجتماعات للحصول على حصة من الاستثمارات العربية الزراعية لاستغلال المساحات الكبيرة الصالحة للزراعة.
ويقول مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية د. سالم اللوزي "إن المشاريع الزراعية العربية تحتاج إلى قرار سياسي عاجل تفرضه التطورات المستجدة، والتي تنبئ بأزمة غذائية عالمية جامحة ومن المتوقع استمرارها لعدة سنوات مقبلة".
18.4 مليار دولار فجوة غذائية
وتعاني الدول العربية من تزايد الفجوة الغذائية في السلع الزراعية تبلغ قيمتها 18.4 مليار دولار، وتشكل فاتورة الحبوب حوالي 49% من قيمتها، فيما يشكل القمح حوالي 4.5 مليارات دولار من هذه الفاتورة.
ووفقا للوزي فإن واردات الوطن العربي من الحبوب بلغت حوالي 50 مليون طن، بينما تشير التقديرات الصادرة عن المنظمة إلى أن استهلاك الفرد في الوطن العربي بلغ 325 كيلو جراما من الحبوب سنويا، بينما معدل استهلاك الفرد العربي من القمح وحده 158 كيلو جرام سنويا، وهو من أعلى المعدلات العالمية.
وتقدر الأراضي العربية الصالحة للزراعة بحوالي 175 مليون هكتار يستغل منها 30%، وهي مهددة بالتصحر والتلاشي جراء عوامل وظروف مختلفة.
دعم الدول الأكثر تضررا
وقد تبنى إعلان الرياض برنامج غذاء عربيا لدعم الدول العربية الأكثر تضررا من نقص المتاح من الغذاء وارتفاع أسعاره، إلى جانب إعداد تصور متكامل حول متطلبات هذا البرنامج وآليات تنفيذه.
وحث القطاع العام والخاص ورجال المال والأعمال العرب على التوجه إلى الاستثمار في المشروعات الزراعية المشتركة في الدول المؤهلة ضمن البرنامج الطارئ، والدعوة العاجلة لعقد مؤتمر لهذا الغرض بنهاية هذا العام 2008.
وطالب حكومات الدول للإسراع بتهيئة التشريعات والقوانين الداعمة للتكامل الزراعي العربي، وتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، بما يعزز حركة التبادل التجاري الزراعي العربي البيني.
ورأى أهمية تعبئة الطاقات والموارد لبلورة وإعداد البرامج والمشروعات القطرية والمشتركة التي تسهم في تحقيق أهداف استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة لزيادة القدرة على توفير الغذاء الآمن للسكان، ودعوة مؤسسات التمويل الإنمائي العربية والإقليمية والدولية لتقديم الدعم اللازم لبلوغ هذا الهدف.
وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز حذر في كلمة له أمام اجتماعات الجمعية العمومية للمنظمة من مخاطر استخدام المحاصيل الزراعية في إنتاج الوقود الحيوي، وطالب بتعزيز العمل الزراعي العربي المشترك، لمواجهة المتغيرات التي ألقت بظلالها السلبية على الزراعة والأمن الغذائي العالمي والإقليمي، داعيا إلى التوصل إلى اتفاق عالمي حول نظام تجاري عالمي يحقق الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة للعالم وللدول النامية.
استراتيجية التنمية الزراعية العربية
وقد أعدت المنظمة العربية للتنمية الزراعية استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للفترة 2005ـ 2025، بهدف تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في النفاذ للأسواق العالمية وتعمل على تحقيق التكامل الزراعي العربي وتوفير احتياجات الدول العربية من السلع الغذائية.
وتركز الاستراتيجية على توفير المعلومات اللازمة للمسؤولين عن الزراعة وتنسيق السياسات الزراعية القطرية لدعم مسارات التكامل الزراعي وصولا إلى الاندماج الاقتصادي العربي، وتراعي عدة موضوعات من أهمها قلة المياه ومحدودية التطوير التقني للزراعة في المنطقة العربية ستكون مظلة لكل الأنشطة والبرامج التي تنفذ في الوطن العربي، لافتا إلى أن الفجوة الغذائية فيه لعام 2007 بلغت 18.6 مليار دولار.
كما تتضمن استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة تنمية وتطوير قطاع الإنتاج الحيواني، واشتملت على تنمية وحماية الأراضي الزراعية والمحافظة على الغطاء النباتي والتطوير والتحديث التقني للزراعة بشقيها النباتي والحيواني، ونقل وتوطين التقنية الملائمة، موضحاً أن قطاع الإنتاج الحيواني التقليدي هو من أكثر القطاعات حاجة للتطوير والتحديث وتوطين التقنية.
والمنظمة العربية للتنمية الزراعية هي منظمة تنموية تأسست عام 1972 وتهدف إلى تنسيق السياسات الزراعية بين أعضائها وتوفير الرقم الإحصائي الزراعي وقاعدة معلوماتية عن الزراعة.
السودان يقتنص الفرص
وكان وفد السودان الأكثر نشاطا خلال الاجتماعات؛ إذ سعى وزير الزراعة السوداني الزبير طه إلى استغلال الاجتماعات وحاجة السعودية للتوسع خارجيا في الزراعة، وعرض فرصا وصفها بالممتازة على المستثمرين السعوديين.
وعقد طه لقاء مع المستثمرين السعوديين أمس طرح خلاله 21 مشروعا استثمارياً في التصنيع الزراعي، وغازل المستثمرين السعوديين بما وصفه بالبيئة المواتية والبنية الخصبة، والمميزات التي تمنحها الجهات المختصة للمستثمرين.
وأكد الوزير السوداني في تصريح لموقع "الأسواق. نت" أن السودان هو المؤهل لزيادة الإنتاج الزراعي وتخفيض الفجوة الغذائية في الوطن العربي، وقد استثمرت غير جهة في السودان في مشروعات كبيرة، مثل مشروعي كنانة إنتاج السكر، والجزيرة الذي تفوق مساحته 10 ملايين دونم، وهو أكبر مشروع وحدة واحدة في العالم.
وأكد "أن مشروع الجزيرة إذا أحسن استخدام موارده والتكنولوجيا الزراعية فيه سيكفي احتياجات السودان والوطن العربي بالكثير من السلع الغذائية الرئيسية".
ولفت طه خلال اللقاء مع المستثمرين السعوديين إلى وجود محفزات للاستثمار في بلاده، منها إلغاء الضرائب على المنتجات الزراعية الخام، وإلغاء ضريبة الصادر على السلع الزراعية، وعدم وجود سقف تمويلي محدد للقطاع الزراعي، واستقرار سعر صرف الجنيه السوداني في مقابل الدولار الأمريكي، ودعم المدخلات الزراعية وخفض كلفة التمويل قصير ومتوسط الأجل.
وشدد على أن السودان مجال خصب لمشاريع استثمارية تحتاجها الدول العربية، ولا سيما في مجالات إنتاج الأرز، والصادرات البستانية، وإنتاج الموز والسنابل والقطن، وإنتاج الخضر والأعلاف، وإنتاج النباتات الطبية والعطرية للتصدير، ومشاريع الإنتاج الحيواني، وإنتاج القمح والذرة، إضافة إلى إنتاج السلع الغذائية والمحاصيل الأخرى.
غير أن عددا من المستثمرين السعوديين أشاروا إلى وجود مشكلات تعوق الاستثمار في السودان منها ضعف البنية التحتية، وعدم وجود وسائل نقل للمنتجات الزراعية، وعدم وضوح الأنظمة الاستثمارية، وفرض ضرائب على المعدات المستوردة، ودفع مبالغ مالية غير معروفة السبب في الولايات.
شركات سعودية تدرس الاستثمار الخارجي
وقال عضو مجلس إدارة شركة الجوف للتنمية الزراعية عبد العزيز الطلاس "إن شركته تدرس حاليا الاستثمار الزراعي في كل من مصر والسودان".
وأرجع الطلاس في حديثه لـ"الأسواق. نت" أسباب اختيار مصر والسودان، إلى قربهما من السعودية، والمناخ الاستثماري الجيد في مصر، بالإضافة إلى توفر البيئة الزراعية الجيدة، ومورد مائي وأراضي خصبة.
وردا على سؤال عما إذا كانت الشركة دخلت في مفاوضات مع مسؤولين في مصر والسودان أو القطاع الخاص للحصول على تسهيلات وبدء الاستثمار، قال "إن الشركة تدرس بجدية الاستثمار في البلدين، واستغلال الفرص الاستثمارية المناسبة فيهما وفقا لنشاط الشركة"، مشيرا إلى أن الدراسات في مرحلة متقدمة.
وعن نوعية الاستثمارات الزراعية التي تعتزم الشركة تنفيذها في مصر والسودان، قال "إن شركة الجوف الزراعية تعمل على إنتاج عدد من المحاصيل منها القمح، وزيت الزيتون، والبطاطس، والبصل، ومجلس إدارة الشركة سيتخذ القرار النهائي بعد الانتهاء من الدراسة التي قاربت على الانتهاء، وحينها سيتم تحديد المحاصيل التي سيتم زراعتها، والتي تساعد على تحقيق الأمن الغذائي، والتخفيف على المستهلكين في المملكة في الوقت نفسه".