درب الحاج المصري 3 مدين

درب الحج المصري (3)

بئر موسى/ماء مدين /مغاير شعيب ( سوف نذكر بموضوع مستقل بلاد مدين )





الصورة مصغرة ، إضغط هنا لعرضها بالحجم الحقيقي


تواصل قافلة الحجيج رحلتها عبر وادي عفال وهذا الممر التاريخي قديم جدا حتى قبل الحج فهو يربط بين الحجاز واليمن مع فلسطين ومصر والشام*لهذا كان أهل مدين قد استقروا هنا للتجارة ونقل البضائع بين الشمال والجنوب وكانت حاضرتهم هي بلدة مدين التي دمرها الله بسبب كفرهم وغشهم التجاري.لكن آثار مدين لا زالت تمر بها قوافل الحجيج لوجودها على الطريق ولوجود بئر مدين العظيمة التي يتوقف عندها الحجاج للتزود بالماء.
وقد أطلق على هذا المكان عدة أسماء فهو بئر مدين ثم سموه بئر موسى ثم سموه مغاير شعيب وامتد الاسم ليشمل الوادي ثم سماه اهل المنطقة البدع لما ابتدعو فيه بساتين نخل *وقد غلب اسم البدع الان التي اصبحت بلدة كبيرة ونسيت الاسماء القديمة.
أما نسبة هذه البئر الى موسى فهي قديمة متوارثة وتحول اسمها من ماء مدين الى بئر موسى بسبب ورود الايات الكريمة التي تقص كيف ان موسى عليه السلام ورد بئر مدين .
ما ورد في القران الكريم عن مدين زمن موسى

القصص

((وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ{22} وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ{23} فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ{24} فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{25} قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ{26} قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ{27} قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ{28} فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ{29} فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{30}

طه

{39} إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى{40}

في الروض المعطار عن البكري صاحب كناب معجم ما استعجم (ت 487هجري)قوله:وبقرب مدين البئر التي استقى منها موسى قد بني على افنيتها بيت من صخر فيه قناديل معلقة وبها كهف يسمى كهف شعيب كان يؤوي إليه غنمه

وقال عن آثار مدين



قلت هذا وصف جيد لآثار مدين التي أهلكها الله بكفرهم ولازالت قبورهم المنحوتة موجودة اما المساكن فقد تحولت الى ركامات من التراب تنتشر على مساحة واسعة والمنطقة مسورة لكن يسمح بدخولها من فبل الحارس المشرف على الموقع.








تقع هذه الاثار على الضفة الغربية لوادي عفال

اما على الضفة الشرقية فتوجد بئر موسى او ماء مدين

بن رُشيد الأندلسي (حج 684هجري) قال وهو يصف طريق عودته من الحج مرافقاً الركب المصري:
وكانت من جملة ماوردناه أيضا مغارة شعيب عليه السلام وهو ماء مدين ومدين بلد جذام ….وهذا الماء مورد معين جداً في مغارة منقورة في حجر ينزل اليها بأدراج متسعة بحيث يتلاقى فيها الصاعد والنازل وهي شبه صهريج مملؤة ماء عذباً طيباً.

وبعد يسنوات قليلة مر هنا المغربي العبدري( سنة 689)فقال عن هذا المورد:

والمغارة نفسها من صنع الله الذي أتقن كل شيء لا قدرة لآدمي على مثلها * والماء في قعرها كثير *ظاهر من الباب راكد كأنه بركة مصر وهو ماء معين بلا ريب ولولا ذلك لنزف في سقية واحدة * وهو عذب لولا ما يخالطه مما ينصب اليه من مسبطة السقاة* وبين باب المغارة وقعرها بالتقدير 60-70 ذراعاً

ابن فضل الله في المسالك والممالك(-ت 749هجري)قال وهو يصف درب الحج المصري انفرد بذم ماء هذه البئر رغم انه لم يزرها شخصياً:
ثم يرحل الى بر مدين ويرد ماء مغارة شعيب وماؤها رديء قليل المنبع وهي منسوبة الى شعيب عليه السلام ويقال انه الذي سقى عليه موسى غنم بنات شعيب

اذاً كانت بئر مدين مصدراً مورداً عظيما للقوافل لا ينضب في القرون الأولى لكن في زمن ما قبيل القرن العاشر الهجري تم الاستغناء عنها بحفائر وسط وادي عفال وبرك عملها امراء الحج المصريين وأهملت البئر*ليس هذا فقط بل انها اندفنت وقد يكون هذا نتيجةانسداد البئر بانهيار صخري او سيل عظيم ردمها في زمن الجزيري كانت القافلة ترد الى برك وآبار مستحدثة وسط الوادي وهجرت بئر مدين ولم يفت الجزيري التعليق على هذا وتفقد الآثار
البدع:بها شجر المقل كثير ومن الأحطاب مالا يقدر قدره لكثرة مابها من شجر ام غيلان وشوك السعدان واستجد بها نخل لبني عطية فإن المتقدمين في السن ذكروا ذلك وانه لم يكن بذلك المحل فيما تقدم نخل مطلقاً وأراد مصطفى باشا في اول ولاياته السوابق ان يحرق هذا النخل لشدة غيظه وحنقه منهم فأطلق النار فيه ليغيظهم بذلك فاشار عليه بغض الحاضرين بمجلسه ذلك ان يكف عنه ففعل.
الجزيري هذا العالم المحقق لم يغفل دراسة بئر موسى وقال عنها وكأنه باحث اثار:


ويعلل هجران القافلة لهذه البئر التاريخية بقوله:
لما منح الله هذا المحل (يقصد البدع)كثرة الماء الطيب وفتح الله على وفده بحسن الرواء منه فاستغنوا عن ذلك المورد بماء الحفائر الحلوة

وفي المغرة شجر عظيم من الجانب الغربي يسمى الأيكة ذكر ذلك السروجي الحنفي في مناسكه

العياشي(1059هجري)

يقال ان فيها شعيب يأوي بغنمه زبإزائها بئر كبيرة معطلة وبجانبها بركة يقال ان هناك كانت البئر التي سقى منها موسى عليه السلام غنم شعيب عليه السلام

الرحلة الناصرية(1121هجري)

قال عنها أحساء كثيرة وماؤها طيب حلو خفيف نافع وعادة أعراب مدين أن تسوق الأركاب هنالك بأحمال كثيرة من أنواع العنب وغيرها من الفواكه وتنخفض أسعار ذلك كله (يقصد أهل مقنا)

الدرعي

ونزلنا مغاير شعيب والعرب تقول له البدع وهو وادٍ ذو مياه دافقة عذبة الى الغاية*باردة الى النهاية*جارية في نخيل بطرف الغابة*وتسوقنا به أعراب مدين يدعون العميرات وغيرهم بتمر وغنم وغيرها من المحتاج
والمحل محل سرقة واختلاس وعن يسار منزل الركب خارج المضيق مغارة كبيرة مرتفعة السمك جداً معجبة الصفة متسعة من بابها الى داخلها *مضيئة لأجل اتساعها معجبة الصفة وهي في حجر أصم بأصل حدب غليظ وفي بابها يسير اتساع فاذا دخلتها انحدرت في درج من حجارة جعل لأجل الزلق

للشهاب ابن ابي حجلة



وقال العياشي يمدحُ مائها: ماؤها طيب جدا حلو خفيف نافع

وبالفعل فقد ذقنا مياه هذه البلدة ووجدنا شديد العذوبة لذيذ الطعم

وآخر من وصفها من الحجاج محمد صادق باشا(1297هجري)مغاير شعيب هو محل بين تلال يحدق به نخيل وعبل ليس به حشائش ولا مساكن مبنية الا زريبات لسكنى العربان وتحمل المياه اعذبة من مغاير تحفر بجوار الشجر …ولا يباع بهذه المحطة شيء سوى حشيش البهائم

زيارة فريق الصحراء 1428

وصلنا الى البدع (مدين)قادمين من الشرف*ورأينا آثار مدين القديمة في ضفة الوادي الغربية يمين الخط*ثم دخلنا الوادي نبحث عن البئر وفي وسط الوادي رأينا عدة برك كانت انشئت في عهد المماليك والدولة العثمانية لسقيا الحجاج

وصلنا البئر فاذا بها كما توقعنا في تل مرتفع عن الوادي وبقربها اثار كثيرة تشمل بركة وقنوات تخرج من البئر واثار مساكن كثيرة تذكرنا بوصف الجزيري لها في النص الذي أوردناه.والمنطقة عليها شبك للاثار بدون معلومات وبقربها سكان في بيوت من الصفيح لعوائل يغلب عليها الفقر للاسف. اذا قارنا اقوال الرحالة مع هذه البئر نجد انها تنطبق على هذه البئر وان كنا لا نجزم بذلك والله اعلم.



في المقدمة نرى البركة وبعدها التل الذي به البئر


صورة من عند البئر نحو الوادي والاثار القديمة لمنازل الحجاج




الزملاء يتفحصون البئر المندفنة








بئر مدين


منقول

مشكور يالجذامي على هذا الموضوع التاريخي

تحيتي لكـ

منطقة تبوك بقراها تحتوي اماكن رائعه
واثار جميله وعريقه

ومناطق لو تحضى بدعم واهتمتم لاصبحت في مصاف
المناطق السياحيه

ولايفوتني كرم وشهامة اهل المنطقه
شكرا لك اخي الجذامي على طرحك الجميل
عن درب الحاج المصري

ما أجمل ان يكون الموضوع مدعم بالصور

مشكور اخوي الجذامي على الموضوع وعلى الصور الأكثر من رائعه

الاخوان
عبدالله الموسي
الذيب الشمالي
بعيد الهقاوي

شكرا لمروركم الكريم

تقبلوا تحيتي

اخى
الجذامى
تسلم الايادى

موضوع مميز
ومعلومات قيمه