أحسب أن من أبسط واجباتنا كصحافيين وكتّاب أن نشتغل كثيراً على ملامسة هموم المواطن، وأوجاعه، وأن نكون صوت الذين لا صوت لهم.. وتعبيراً دقيقاً وشجاعاً لتراكمات المتاعب، والهموم، والهواجس المحيطة بهم. وأن نضع أنفسنا، وما نملكه من وسائل تعبير، وأدوات توصيل في حالة تماس مباشر مع قضاياهم، ومشكلاتهم، وانكساراتهم الحياتية، والمعيشية. حتى يصل الصوت، ويكون تجسيد الهموم أمام صانع القرار، ومن تعنيه المشكلة بصورة مباشرة، وتدخل في واجبات مسئولياته.
هذا أحد واجباتنا، أو أحسب أنه يجب أن يكون واجبنا الأول، إلى جانب مسئوليتنا في مواكبة عملية التحديث، والتطوير، والتنوير، ومساعدة المجتمع في الخروج من أثقال الكرة الحديدية التي تعيق انطلاقته نحو الانتاج، والعطاء، والخلق، والابداع، والمساهمة في العملية التنموية، وفهم التحولات والمستجدات التي يعيشها العالم الذي نحن جزء منه، وحلقة من حلقات ترابطه، ووعيه.
وبالتأكيد - وهذا واضح، وظاهر، وحالة معاشة - أننا نعيش انطلاقة نحو صياغة، وصناعة رؤى، وأفكار، ووقائع في مسيرتنا التنموية، وأن مشروعات عملاقة وضخمة بدأت معالمها تأخذ حضورها في البناء الاقتصادي، والمعرفي، والحياتي، وأن ما يخطط له هو كفيل بأن يضع الوطن في مكان واسع، وفضاء رحب بين دول العالم المنتجة، والفاعلة، والمؤثرة في النمو العالمي، وصناعة التاريخ المعاصر للإنسان والشعوب.
غير أننا ونحن نولي ونعطي ونفكر بالمستقبلات، ورفاه، ورخاء، وسعادة الأجيال القادمة يجب أن نشعر بهموم الحاضر، وأوجاع الإنسان الذي يلهث يومياً حاملاً متاعبه، وإ
حباطاته المعيشية، والحياتية. بحيث لا يكون بمقدوره أن يطال الاستقرار، والهدوء لنفسه، وأطفاله من خلال حياة معقولة في حدها الأدنى من سكن، ودخل معقول يفي باحتياجاته الحياتية، سيما وأن الحياة أصبحت مكلفة إلى حد الجنون.
لقد كتبت يوم الأحد الماضي عن السكن بوصفه حالة أمن وأمان للإنسان. وأنه يشكل الهواجس الكبيرة عند المواطن، إذ أنه جزء هام ومؤثر في استقراره النفسي، والحياتي، وقد ذهلت للتعليقات، والمداخلات الشاكية، المحبطة على الموضوع في موقع "الرياض" الالكتروني. بحيث توقفت عند كل تعليق يتفجر مرارة، ويفيض حزناً وألماً. سيما ونحن نعرف حسب الاحصائيات بأن 60% من السعوديين لا يملكون سكناً خاصاً. وهذا رقم مذهل وعجيب.
لنعطي الحاضر بعضاً. بل كثيراً من اهتمامنا. فالحاضر هو الذي يصنع المستقبل.
بقلم / راشد فهد الراشد