هل يبكي الامريكيون مثلنا ؟

سؤال عربي ساذج ولكن ربما يحق لنا أن نسأل خاصة ونحن في موسم الصيف والسينما الأمريكية تهيمن على معظم صالات العروض في معظم مدن العالم وتطاردنا إعلاناتها حتى على شبكة الانترنت. هذا السؤال هو... هل يبكي الأمريكيون ويتأثرون لمشاهد الموت والدمار (الحقيقي) في (واقعنا) الذي تصنع الطائرات الحربية والفتن معظم مؤثراته الصوتية ليعرضنا (الإعلام الدولي) مشاهد (جنائزيّة) تتكرر صباح مساء على كل شاشات الدنيا موثقة أمام سكان الأرض عبثية الموت الأسود وجدلية الحرية الحمراء ليس بدءا من أفغانستان مرورا بفلسطين وحتى العراق وليس انتهاء ببلاد ما وراء النهر والبحر؟
لامناص إذن من الإقرار بأن قصص الأفلام الأمريكية تبكينا كثيرة خاصة تلك التي تروج لقيم العدالة والحريّة وتنتصر للمظلوم وتلاحق الظالم فردا كان أو جماعة وربما أننا نتصرف بهذا الحزن لأنها تصور حالنا ومآلنا. ولكن السؤال الضخم ما انفك يستعيد مشروعيته... هل يا ترى (يتأثر)الأمريكيون (على واقعنا الدامي) وهم جزء من تكوينه مثلما (نبكي) معهم اندماجا مع (مشاهد خيالية) نجحوا في (صناعتها) عبر أفلام السينما والتلفزيون المؤثرة التي يصنعونها؟ ما عرفناه من خلال تكرار التعرض للأفلام الأمريكية أن الشعب الأمريكي يبدو حساسا للغاية ضد الظلم، ورقيق المشاعر بل وسريع الدمعة مع الضعيف بحيث يمكن أن يخرج سكان مدينة كاملة في مظاهرة صاخبة من اجل إنقاذ حياة "حيوان تجارب" أو الضغط لمنع قفل مأوى للحيوانات الضالة.

ألم نتعاطف ونتأثر بصورة وصوت "شريك" القبيح وهو كرتون وخيال، ألم تغرورق أعين أطفالنا مع مشاهد "سوبرمان" وهو يناضل لإنقاذ "سكير" عَلِق في قضبان جسر منهار. هذه الصور ومعها مئات المشاهد التي استمطرت أدمعنا في لحظات عاطفية تجعل الفرد منّا لا يمتلك القدرة على حبس دموعه تأثرا بالصور التي تظهر (الشهامة الأمريكية) في صورة (بطل أمريكي) يخترق ألسنة اللهب (لإنقاذ) كلب محتجز، أو مساعدة مهاجر "مكسيكي" يتعرّض للمضايقات العنصرية والمحنة البيروقراطية لينتصر له (الأمريكيون الحقيقيون) من أهل البلدة ويساعدونه على تصحيح وضعه القانوني، وإقامة مشروع تجاري صغير، ومن ثم مفاجأته بجلب أفراد أسرته في حفلة صاخبة ضمن مكونات صناعة الحلم الأمريكي.

في كل أسبوع تحتل الأفلام الأمريكيّة المراتب العشرة الأولى في معظم صالات السينما العالميّة وهي وان كانت متهمة بترويج العنف والجريمة إلا أنها لا تخلو من مشاهد القيم الإنسانية التي يكون قاسمها المشترك (النبل الأمريكي) مقابل تخلّف (الآخر)، وإظهار الحريّة على طريقة هوليوود في مقابل (همجية) (أولئك) الذين ينتهون قذرين مهزومين تحت قصف طائرات هوليوود انتصارا لفئات مغلوبة لا تملك إلا الخروج بصدورها العارية إلى الشوارع لتصفق وتهتف بحياة (المخلّص) الأمريكي الذي أنهى المشكلة بزراعة (بذور) (كارثة) تتقاسم الأجيال القادمة ثمارها فرقة واحترابا.

إذا كانت عائدات شباك تذاكر الصالات الأمريكية قد قفزت عام 2007إلى قرابة 10بلايين دولار فهذا يعني أن الأمريكيين ربما يبكون مثلنا على ذات المشاهد التي بكينا لها. فماذا لو نقلت (كاميرا الواقع) إلى الشعب الأمريكي بعض الصور اليوميّة من شوارع "غزة" أو حارات "بعقوبة" حيث رائحة الموت التي لا يخالطها صراخ المخرجين، ترى (هل سيكون) منظر أسرة عربية فقيرة تحتمي في ظلال جدار متهدم، أو مشهد طرف (جدائل طفلة) و دميتها بين الأنقاض كافيا لاستدرار الدموع من عيونٍ يقولون إنها قد قست أمام صدمة الحقيقة. أيها الأمريكيون هل تبكون مثلنا أمام شاشات العرض وخارجها!؟


مسارات

قال ومضى: من كانت (صناعة الموت) أبرز (مواهبه) فلا عجب إن تفانى في أداء (واجبه).

بقلم الدكتور / فايز بن عبد الله الشهري