لا شيء يميز 8 في 8 في 8
جلست يوم الجمعة 8 أغسطس الجاري مسمرا أمام التلفزيون لأربع ساعات متصلة، ولا أمارس هذا النوع من «التنبلة» إلا مرة كل 4 سنوات كما قلت في مقال سابق.. أحب التلفزيون جدا وأعتبره أداة تثقيف وتنوير مهمة، وأحبه أيضا كأداة ترفيه ولكنني لا أعطيه الأولوية على أي نشاط يومي آخر، بل أعرف على وجه التحديد نوعية وتوقيت بث البرامج التلفزيونية التي أرغب في مشاهدتها .. مهند ونور وزفت الطين لا يهمني أمرهم في شيء، بل عادة اسمع بهم وأقرأ عنهم وبعدها أطل عليهم إطلالة سريعة كي أسند رأيي فيهم على بينة.. وعلى شغفي بالألعاب الأولمبية وحرصي على متابعة معظم فعالياتها، فإنني لا أذكر أن حفلا اولمبيا افتتاحيا أسرني كما فعل حفل بكين في تمام الساعة الثالثة و8 دقائق (بتوقيت الدوحة حيث أقيم) من يوم 8/8/08 .. ويبدو ان حكاية الثمانيات الثلاثة راقت للكثيرين فقرأنا عن الآلاف الذين حددوا ذلك التاريخ لدخول الحياة الزوجية .. مبروك لهم ولكن لا اعتقد ان فرصهم في السعادة الزوجية أفضل من فرصنا نحن الذين تزوجنا – مثلا – في 11/3/1978 أو 28/5/2004 .
ذاكرة ابن آدم قصيرة، ومعظمنا نسي تكالب مئات الآلاف في مختلف أنحاء العالم للزواج في اليوم الأول من الألفية الجديدة وبالتحديد عند الساعة ال12 من ليل 31 ديسمبر من عام 1999 ثم عام 2000،.. كان ما هو أعجب من ذلك ان آلاف النساء خططن للولادة في تلك اللحظة.. يقول الدكتور لهذه: بس البيبي كمان عليه شويه.. اسبوعين ويطلع مستوي على الآخر! فترد عليه: كيفي وعلى كيفي .. أنا أريد أولد بقيصرية في تلك الساعة وادفع لك فلوسك على داير السنت (المليم اختفى من الخريطة النقدية في مصر والسودان بعد ان صار الجنيه نفسه أقل قيمة من ورقة الكلينكس).. وهكذا ولد آلاف الأطفال في تلك الساعة «المباركة» وقضى معظمهم أسابيع في الحاضنات لأنهم جاءوا خدجا أي ناقصي التكوين الجسماني .. وبحكم عملي في مجال الصحافة فإنه قل أن يفوتني حدث مهم، وظللت طوال الأعوام الفائتة أتصيد أخبار الأطفال المعجزة الذين ولدوا مع مولد الألفية الجديدة لأعرف هل تكلم أحدهم في المهد؟ هل اخترع احدهم آيسكريم بنكهة الجرجير؟ دعك من تلك الخوارق.. هل استغنى أحدهم عن البامبرز قبل ان يكمل السنتين؟ على كل حال مبروك لكل من تزوجوا في 8/8/08 وكمتزوج محترف فإنني أقول لهم: الزواج والذرية لا تفلح لأنها مرتبطة بتاريخ معين .. أنا مثلا تزوجت في ذكرى القاء القنبلة الذرية الأمريكية على هيروشيما وكان ذلك يوما أسود في تاريخ البشرية.
ولم يكن لي يد في اختيار ذلك التاريخ.. وللذين يتربصون بتواريخ معينة للتعامل مع الزواج والإنجاب بطريقة “الأرقام المميزة” أقول ما يأتي والله عليه شهيد: أنا وزوجتي مولودان في نفس الشهر وتزوجنا بلا سابق تخطيط في نفس الشهر الذي ولدنا فيه.. ودخل اكبر أبنائي الحياة العملية في نفس اليوم الذي ولدت فيه!! هل يجعلني ذلك شخصا مميزا و”مبروكا”؟ إذا أجبت ب”نعم”، دعني أسألك هل هناك ما يجعل سبتمبر اكثر بركة من اغسطس؟ عمايلك وليس تاريخ عمايلك هي التي تجعلك مميزاً.
بقلم/جعفر عباس