عن المقدام بن معد يكرب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما ملىء ادمي وعاء شراً اكثر من بطنه , بحسب ابن ادم لقيمات يُقمن صُلبهٌ , فأن كان لا محالة فثلث لطعامعه , وثلث لشرابه , وثلث لنفسه .
رواه الامام احمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن صحيح .
وقد روي هذا الحديث مع ذكر سببه , فروى ابو القاسم البغوي في معجمه من حديث عبد الرحمن بن المرقع , قال فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر , وهي مخضرة من الفواكه , فوقع الناس في الفاكهة , فمغثتهم الحُمى , فشكوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال رسوال الله صلى الله عليه وسلم : انما الحُمى رائد الموت وسجن الله في الارض , وهي قطعة من النار , فاءذا اخذتكم فبرِدوا الماء في الشنان , فصبوها عليكم بين الصلاتين ( يعني المغرب والعشاء ) . قال ففعلوا , فذهبت عنهم .
فقال رسوال الله صلى الله عليه وسلم ( لم يخلق الله وعاء ءاذا مُلىء شراً من بطن , فاءذا كان لابدَ فأجعلوا ثلثاً للطعام وثلثاً للشراب , وثلثاً للريح . ) .
وهذا الحديث اصل جامع لأصول الطب كلها .
وقد رُوي ان ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث في كتاب ابي خيثمة , قال : لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الامراض والاسقام , ولتعطلت المارستات ودكاكين الصيادلة .
وانما قال هذا لأن اصل الداء التُخم , وقال الحارث بن كَلَدة طبيب العرب : الحمية رأس الدواء والبطنة رأس الداء , وقال الحارث ايضاً , الذي قتل البرية وقتل السباع في البرية ادخال الطعام على الطعام قبل الانهضام .
فهذا بعض منافع قليل الغذاء , وترك التملؤ من الطعام بالنسبة لصلاح البدن وصحته , اما منافع بالنسبة الى القلب وصلاحه , فاءن قلة الغذاء توجب رقة القلب , وقوة الفهم وءانكسار النفس وضعف الهوى والغضب وكثرة الغذاء توجب ضد ذلك .
من كتاب ايقاظ الهمَم , المُنتقى من جامع العلوم والحِكم , لأبن رجب الحنبلي .