وقضينا الليل في الطريق وفي صباح اليوم التالي وصلنا إلى خيام الشيخ حرب التي كانت موزعة في منحدرات التلال الصخرية المرتفعة كما في الوادي اسفل التلال. وقد استقبلنا الشيخ حرب الكبير في السن بترحاب، وذبح شاة تكريما لنا ، وكان اليوم هو التاسع والعشرون من يناير، اي اننا امضينا 13 يوما منذ مغادرة زيزيا. واغتسلت وارتديت افضل ثيابي وذهبت لزيارة الشيخ حرب في خيمته، حيث استمتعت بوجبة عشاء رائعة. وأثناء تناول الطعام جاء ضيف بارز آخر هو محمد ابو تايه ابن عم الشيخ عودة الذي اعجبت به ووجدته رجلا بكل معاني الكلمة. وقد حكوا لي عن قسوته في محاربة الاعداء الا اني تجاهلت هذا الامر وقد زرته في خيمته ايضا وتناولت معه العشاء جالسين على السجاد الافخر بينما كان الجلوس يلقون الاشعار والاغاني التي تمجد ايام العرب وأنهوا العشاء بتناول حليب الابل من اوعية خشبية ضخمة. وكانت تلك امتع ليلة الى الآن في رحلتي وأثناء النظر اليه كنت احاول نسيان الاشاعات التي تتحدث عن قسوته.
بقيت لمدة اسبوع في وسط قبيلة الحويطات مكنتني من الاطلاع على جانب آخر من الحياة العربية وهو جانب كان يشوبه الغموض بالنسبة لي الا وهو حياة الزوجات. فقد امضيت الكثير من الوقت في خيام النساء مع كاميرتي حيث التقطت بعضا من افضل الصور ولم اكن مهتمة بصفة خاصة بحياة النساء، الا ان قصصهن اثارت اعجابي فقد ابلغتني هيلة احدى زوجات الشيخ محمد كيف ان النساء يعانين من العمل البدني الشاق والتنقل المستمر خاصة خلال فترة الحمل وبعده مباشرة وقالت 'اننا لا نرتاح لساعة واحدة'.
وحذرني الشيخ محمد من شمر وطلب مني تفاديهم . وان علي التوجه نحو الشرق بدل من الجنوب وعين لي مرافقين ليضمنوا سلامتي حتى بلوغي الجنوب كما هو مخطط. وكان من حظنا ان الامطار التي سقطت في نوفمبر كانت غزيرة فخلفت العديد من البحيرات والبرك المائية وازدهرت النباتات والشجيرات حيث استطاعت الجمال الرعي فيها اثناء سيرنا وهو ما جعل القافلة لا تتحمل مشقة حمل العيش الجاف لإطعام الجمال. وبعد مسيرة خمسة أيام كان الجوف حيث يمكن شراء المزيد من الطعام. لكن بدأ يساورني شعور بأني لن اصل الى حائل اذا ما اكثرت من تغيير مساري. وبالتالي استمرت القافلة في مسيرها عبر هبوب الرياح العاصفة.
المصدر كتاب desert longing
عاشقة الصحراء
تأليف / جورجينا هاويل