السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى في كتابه الكريم: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} (المائدة:2)، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة» (رواه البخاري والترمذي) خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان اجتماعياً بطبيعته، لا يمكنه القيام بأعباء هذه الحياة منفرداً، ولا الحصول على لوازمه وحده، بل لابد له من مشاركة غيره، وقد اشتهر عن الحكماء أن الإنسان مدني بطبعه فالتعاون أمر إلهي تتحقق عنه كل الأعمال الكبيرة، ولا يزال الناس بخير ما تعاونوا، قال تعالى {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} (آل عمران- 103)، والتعاون على الخير من أبرز مميزات الحياة الروحية للنهوض بالحياة الاجتماعية الى المستوى الرفيع الذي يؤدي إلى رفاهية الجميع والتخفيف من آلام الغيرولقد كانت الأمة على شفا حفرة من النار، فألف الله بين قلوب أبنائها، ورد النفس الإنسانية إلى فطرتها من حيث التعاون والتحابب، ونهى عن التفاخر والتعالي، وساوى بين المسلمين، فأصبحوا أمة واحدة، لا يفرق بين أبنائها لون ولا جنس ولا إقليم.
وجاء التوجيه الإلهي يدفع المؤمنين إلى هذا السلوك الكريم، قال تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله} (التوبة-71).
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجلاً جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أي الناس أحب إلى الله؟ قال: «أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم... ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام (رواه ابن أبي الدنيا) (4).
وأنكر الإسلام النزعة الفردية، ونبذ الأثرة والأنانية، وبين أن جميع الناس في حق الحياة والكرامة سواء، وما إن يستقر الإيمان في قلب المسلم حتى يعبر عن ذاته بحركة خيرة نحو الآخرين ليكونوا كالجسد الواحد، وما لم يكن ثمة تعاون وتناصح تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، والصادق في إسلامه يعمل من أجل الآخرين، ولقد ترك المهاجرون بلدهم، وتركوا فيه كل ما يملكون، وانتقلوا الى المدينة وليس معهم شيء، في حين كان الأنصار يملكون ويقيمون في أرضهم، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الى الأخوة والتعاون فصار كل أخوين يشتركان في السراء والضراء.
قال عليه الصلاة والسلام: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» (متفق عليه) (5)، وقال: «يد الله مع الجماعة»