من مهام علم الاجتماع وخصائصه وسماته دراسة عادات الشعوب وتقاليد المجتمع ويدخل في إطارها البحوث الشاملة عن الإنسان وطباعة البشرية وعلاقته بمجتمعه ومدى تفاعله معه. ويحسب لابن خلدون رحمه الله أنه أول من أبان ضرورة هذا الجانب ودّون عن علم العمران وما يتعرض له المجتمع من تغير وتبدل وفق عوامل وظروف مختلفة.وبين بعض المفكرين تلك العلاقة القوية بين العلمين- التاريخ والاجتماع- كجورج هورد بقوله : إن التاريخ هو علم الاجتماع الماضي وعلم الاجتماع هو تاريخ الحاضر . وتزخر كتب الرحالة الذين مروا على الجزيرة العربية منذ القرن العاشر الهجري - الموافق للقرن السادس عشر الميلادي-. بصور عديدة ومختلفة بّل وغزيرة عن هذا الجانب الاجتماعي. فمن يقرأ ماكتبه قارثيما عن رحلاته في القرن العاشر الهجري للحجاز أو ما دونه بلجريف عن نجد في القرن الثالث عشر الهجري ومثله داوتى في الشمال للقرن الذي تلاه ثم ما ختمه فلبى رحمه الله في أوّج مرحلة من مراحل البناء لهذا الكيان الكبير اشارته لكثير من مناطق بلادنا كالمنطقة الجنوبية أو الشرقية والشمالية، وقياس أمثال هؤلاء الرحالة وحصرهم يغني عن الذكر والأطناب. هذا فضلاً عن العرب الرحالة وما دونوه عن هذه البلاد - اذا استثنينا الشعراء الذين أشاروا لذلك وعبروا عنه بالشعر الفصيح أو النبطي-. إن المتتبع للدراسات العلمية أو الرسائل الجامعية والبحوث الميدانية يجد قلة وندرة في هذا الجانب قياساً للبحث التاريخي .ان الإلمام بمثل هذه الكتابات ودراستها ونشرها والتعليق عليها ونقدها ستفتح مجالاً أرحب وأوسع وستكون مكملة للتدوين التاريخي لهذاه المنطقة ،اذا علمنا أن مؤرخينا السابقين الذين كتبوا عن الجزيرة العربية لم يعطوا هذا الجانب القدر الكافي من البحث والتعليق بينما نجده أكثر لدى هؤلاء الرحالة الذين كتبوها عن مشاهدة - رغم اختلاف وجهات نظرنا حول ما كتب-. وبنتاج كلتا العمليتين وهما التدوين والوصف سيتمكن الباحث من تصور المراحل التاريخية الكاملة التي مرت بها الجزيرة العربية وتدوينها وفق الحقيقة التاريخية.
بقلم راشد بن محمد بن عساكر