حوار بين حسين الحفيان الحويطي وصحيفه الفجر

شيوخ العربان: نحن لسنا بلطجية بل نفرض الأمن ونحمي الناس بإشراف الشرطة

هناء قنديل

لا يمر يوم دون أن تجد محضرا هنا وبلاغا هناك ضد البدو في مدينة أكتوبر.
مرة بسبب الاعتداء ومرات بسبب فرض الإتاوات علي المقاولين تارة وعلي المستفيدين من مشروع «ابني بيتك» تارة أخري.
ورغم النشر الواسع لكل هذه الشكاوي وكل هذه البلاغات إلا أن احدا لم يفكر ويحاول أن يسمع الطرف الآخر المتهم علي الدوام، أو أن يحاورهم أو يدخل معهم في مواجهة كلامية.
في البداية كنت اعتقد انها مخاطرة محفوفة بالمخاطر، وكنت اعتقد أن الحوار مع هؤلاء سيكون اشبه بحوار الكلمة مقابل طلقة الرصاص، فكت أؤجل الموعد اسبوعا بعد آخر ثم شهرا بعد آخر، حتي وجدت اصدقاء كثيرين يؤكدون عكس ما كنت اعتقد، ومخالفا لما كنت أظن.
منذ دخولي موقع «ابني بيتك» وفي الموعد المحدد خرجت لنا سيارة نصف نقل اقتربت منا لتتأكد من هويتنا وبحذر شديد سارت امامنا كدليل للمكان المحدد لمقابلة شيخ العرب.
كان يقف في استقبالنا محموعة من البدو الشبان يرتدون ملابسهم التقليدية جلبابا ابيض وشالا موضوعا علي اكتافهم، ابتسامتهم البسيطة تظهر اسنانهم التي تأثرت كثيرا من تدخين السجائر.
تقدم احدهم نحونا واصر علي مضايفتنا، وما أن مددنا أيدينا علي كاسات الشاي حتي ظهر عليهم الارتياح، كأن كاسة الشاي هي كلمة السر في حسن المعاملة، ثم اكتشفنا أن كلمة "ذهبية" هي كلمة السر في الأمان.
فقد قام احدهم بالاتصال بشخص ووقع في اذني كلمة "ذهبية"، بعد أن نطقها اشار الينا الرجل فقمنا وظهرت لنا سيارة أخري من وسط الصحراء ركبناها بعد أن تركنا السيارة التي كنا نستقلها.
ومن عريش إلي آخر في قلب الصحراء، لكن هذه المرة كان عريشا مجهزا لاجتماعنا مع شيخ العرب الذي كان يرتدي جلبابا وعقالا وشالا اسمه ابو عبدالله الحويطي 37 سنة تعلم حتي المرحلة الثانوية، ويفتخر أن من اقاربه مستشارين في مجلس الدولة وضباط شرطة، والغريب أنه يسكن في أحد ابراج مصر الجديدة.
يتذكر أبوعبدالله أنه جاء إلي المنطقة - يقصد مدينة أكتوبر- سنة 88 مع والده وقت أن كانت عبارة عن حيين فقط هما المتميز والسابع وكان والده مسئولا عن حراستهما، وقت أن كانت الحكومة لا تعرف عنهما شيئا، وكما يقول في ذلك الوقت لم تكن هناك حالة سرقة واحدة تحدث في المدينة.
ويعتبر أبوعبدالله نفسه أولي بحماية المدينة من الحكومة، لأنه يعرف دروبها ومخبأها بالشبر.
اثناء الحوار تدخل شاب لا تبدو عليه ملامح البدو في الحديث اسمه نور الحويطي ابن عم شيخ العرب وساعده الأيمن وحكي قصة شخص وجده يبكي لأنه دفع 300 جنيه لاحد الفيومية الذين انتحلوا صفة البدو ثم قام بنهبه وسرقته بعد ذلك، فسأله نور عن اسمه أو اوصافه، ودون أن يلجأ نور للشرطة أو لغيرها، اختفي بضعة دقائق ثم عاد وفي يده الرجل الذي ادعي أنه عرباوي وفي يده الأخري مبلغ الـ 300 جنيه.
سألته اذا كنت تنصرون المظلوم هكذا وتدافعون عن الحق، فلماذا كل هذه البلاغات ضدكم فقال "القانون هنا واضح وبسيط.. من يرفض دفع الغفرة يتم طرده من المنطقة، ولا يدخلها بعدها أبدا ومن يدفع له من الحماية"، فقلت له هذا ضد القانون، فرد علي بتعجب، وكيف سنحمي الناس؟ لابد من وجود كبير يستطيع الدفاع عن الناس، ونحن كبار المنطقة، هذا قانوننا.
قلت له انتم تبيعون المياه بسعر مغالي، ونفس الحال في الأسمنت والرمل والزلط فيه فقال: المياه توزع مجانا بدون مليم زائد علي التكلفة، لأن الحكومة لا تفتح "غراب" المياه وبالتالي نشتريها من بائعيها بتسعيرة ثابتة 250 جنيها أما الرمل والزلط والاسمنت فهناك هامش ربح لتوصيله إلي أرض المستفيدين
وحكي نور قصة أخري عن خلاف حدث بين اثنين من المستفيدين كاد يصل إلي القتل، ولولا وجودنا لقتل احدهما، فنحن نعيش بينهم ولو أن احدهما أبلغ الشرطة لجاءت الاخيرة لتنتشل جثته لا لتحميه، وعرفنا أن سبب الخلاف هو النزاع علي حدود ارضهما بعد أن بني الاول علي أرض الثاني، ورفض المعتدي دفع ثمن الارض التي اعتدي عليها، فاجبرناه علي ذلك في ربع ساعة فقط، هل تعتقدين أن المظلوم لو لجأ إلي الحكومة هل كان سيأخذ حقه.
العجيب أن الشيخ ابوعبدالله أصر علي أن ما يأخذونه من الناس ما هو إلا بدل غفرة وليس اتاوة كما تردد الجرائد والمجلات والفضائيات وقال احسبوها لو أن احدا سيأتي بغفير كم سيدفع له؟ 300 جنيه علي الاقل، في حين اننا نأخذ فقط 10 جنيهات، ثم أننا لا نأخذ من صاحب الارض لأنه غالبا غلبان، ومن محدودي الدخل، نحن نأخذ فقط من المقاولين لحماية معداتهم وأدواتهم وخشبهم والمونة التي يتركونها في العراء.
يعتدل شيخ العرب قليلا ويقول، كنا نحمي ممتلكات الشركات الكبيرة والمستثمرين دون أن يثير احد ضجة أو أزمة ونتحدي أن يشتكي احد منهم اننا قصرنا في حمايته، لكن الصداع كله جاء مع مشروع «ابني بيتك»، الذي أثار علينا الشرطة وفتح بابا للشائعات والاقاويل غير الصحيحة عنا، ولو كنا بهذا السوء الذي يقال عنا أين كان كل ذلك من عشرات السنين، فنحن نعمل هذا العمل منذ زمن طويل.
فجأة قام الشيخ الذي يبدو أنه تلقي اشارة من احد الجالسين خلفنا، فتركنا بعد أن القي علينا السلام بسرعة واستقل سيارته الجيب وانشقت عنه الصحراء فاختفي وسط الرمال، في حين استمر معنا ساعده الايمن الشيخ نور، الذي أوضح لنا تقسيم المناطق علي العائلات التي تم اقرارها في جلسة عرفية كبيرة شملت كل العائلات، فمنطقة «1» كانت تحت سيطرة فرج وعبد الله وعواض قبل أن يتم القبض عليهم، والمسيطر عليها آلان شخص يدعي سعيد.
اما منطقة «2» فهي تحت سيطرة جمعة وسالم وسلمان اما منطقة «3» كانت تحت سيطرة فرج وعيد قبل القبض عليهم اثناء الملاحقات الأمنية بعد سرقة محول الكهرباء بالمنطقة، اما منطقة «4» تحت سيطرة ناصر السنجي ومنطقة «5» تتبع محمد العمدة وحسين الحفيان اما منطقة «6» فلها حكاية خاصة حيث كسرت فيها شوكة العرب وسيطر عليها الصعايدة الاسايطة كما يطلقون عليهم حيث اتحد السوهاجية والاسايطة من أصحاب التشوينات وقامت معارك بينهم وبين البدو بعد رفضهم دفع الإتاوات ومع الملاحقات الأمنية للبدو في هذه المنطقة انتهي نفوذهم لكن هذه المنطقة تعاني ويلات الصراع حيث تكثر السرقات وفرض الإتاواة - علي حد وصف الشيخ نور- لأنها اصبحت مفتوحة ولاتخضع لسيطرة احد من البدو ولايوجد بها نقطة امنية، اما منطقة «7» والتي سيبدأ العمل بها تقع تحت سيطرة ابو عبد الله الحويطي مباشرة ويشاركه فرج المدبوحي.
اصطحبنا الشيخ نور عبر ممرات صحراوية خارج منطقة نفوذه «7» وما أن دخلنا منطقة «4» حتي وجدنا رجال الشيخ مرزوق في انتظارنا، فسلمنا لهم بعد أن ذكروا له كلمة السر "ذهبية" بعدها وجدت نفسي في وسط صحراء لايوجد فيها أي شخص سوي السيارة التي تصطحبنا وكنا نمر علي بوابات بدوية اشبه بالاكمنة لا تمر منها السيارة قبل أن تقول كلمة السر فيفتح الكمين.
ظننت اننا لن نخرج من وسط هذه الرمال إلي أن بدا في الأفق خيمة بدوية يجلس حولها مجموعة من العرب وفي وسطها كبيرهم الشيخ مرزوق هو شيخ في أواخر الاربعينات كلمته مسموعة يبدو عليه الهيبة والنفوذ، وقور لاينطق إلا بحساب رحب بي وعرفني علي ابنه الصغير عبدالله 9 سنوات وقال لي بابتسامة إنه شيخ المستقبل.
سألت الشيخ مرزوق: انتم تعتبرون الاتاوة حقا مشروعا لكم؟ فقال نحن نحرس الارض وما عليها، والتي كانت لنا في الاصل قبل أن تأخذها منا الحكومة، وبما اننا لا أرض لنا نرعي فيها غنمنا نقوم بالغفرة ونأخذ مقابلها، سألته كيف تعرفون الارض من بعضها، فكلها متشابهة، فقال بالنسبة لكِ، لكن لنا فكل أرض لها شكل وعلامة، وهناك مواعيد لدخولها وخروجها متعارف عليها، فالعمل هناك يبدأ من طلعة النهار حتي الساعة الرابعة مساء، ولا يجوز العمل فيها ليلا، وما أن تغرب الشمس حتي تغلق، ويحرس كل منطقة حوالي 25 رجلا مزودين بموتوسيكلات وسلاح إن لزم الامر لضمان هيبتنا.
يسند الشيخ مرزوق ظهره إلي الخلف ويقول نحن نريح الشرطة ونعمل بدلا عنها، لأننا نحل المشاكل ولا نصدرها، ثم أن الشرطة نفسها تلجأ الينا عندما تعجز عن بعض الأمور، ونحن نلجأ اليهم عندما نكتشف سرقات تمت خارج منطقة غفرتنا نقوم بتسليمها للشرطة وهي تتصرف.
سألتهم عن حياتهم فقال انهم يأكلون وينامون في هذه الخيمة واسرهم في خيم في قلب الصحراء باتجاه الواحات وعندما ينتهي العمل في «ابني بيتك» سينتقلون إلي مواقع أخري فالصحراء واسعة.
تركنا الشيخ مرزوق وانتقلنا إلي منطقة «5» وحدث نفس ما حدث عندما انتقلنا من «7» إلي «4»، وما أن دخلنا إلي منطقة «5» حتي قابلنا الشيخ حسين الحفيان، الذي يبدو أنه أكثر تطورا من بقية العائلات، فقد استخدم لأول مرة كاميرات مراقبة لإحكام القبضة علي الداخلين والخارجين للمكان، يقف علي كل بوابة رجل من اتباعه يحمل دفترا يسجل من يخرج ويدخل اسمه ورقم بطاقته ورقم السيارة ووجهته والحمولة الموجودة بالسيارة ويقوم بتفتيش السيارة ولا احد يخرج من هذه البوابة بعد الساعة الرابعة مساء محملا بأي شيء ويؤكد لنا الشيخ الحفيان أن كل هذا يتم بتنسيق أمني.
الشيخ حسين الحفيان شاب يبلغ من العمر 37 سنة متزوج ولديه 3 أولاد يعيشون حديثا بمصر الجديدة لكنه ورث هذه المهنة من ابيه واجداده الذين ينتسبون لعائلة الحويطات بسيناء وأن جده حاصل علي نياشين واوسمة الجمهورية من الطبقة الرابعة ايام السادات فجده سالم الحفيان في حرب 67 نجح في تهريب 15 جنديا مصريا من الإسرائليين واقاموا عنده 6 شهور وهو محل فخر لهم. ورغم الأمان الذي فرضوه علي المكان إلا أنني شعرت بالخوف لأن الشمس كانت أقرب إلي الغروب فقررت الخروج
شيوخ العربان: نحن لسنا بلطجية بل نفرض الأمن ونحمي الناس بإشراف الشرطة

والله انكم دوله يالحويطات وعاداتكم رفع المظالم عن انفسكم من قديم الزمان لكن لكل زمن دوله ورجال
اعانكم الله على فعل الخير وجنبكم الظلم بكل اشكاله

موضوع كتبه شخص فلاح يحاول ان يستخف دمه ليقول لنا انه قابل مجموعة من ابناء البادية في مصر .
و حاول كالعادة اضافة بعض الاكشن على الموضوع و لاحظوا ما قاله في السياق انهم يستخدمون كلمة سر ( ذهبية ) ليوحي للقارئ انه يتعامل مع عصابا او مع مافيا .
و الحقيقة ان الكلمة هي زهابية و ليست ذهبية
و يستخدمها البدو في مصر للدلالة على ان هناك مخبرين للدولة و ايضا تستخدم للدلالة على ان الطرف الآخر ليس من البدو و يجب الحذر منه و ايضا تأتي من باب الاستخفاف و التهكم .
و نلاحظ استخدامه و ايراده لكلمة ( شيخ العرب ) و كلمة ( الاعراب ) و كأن كلمة العرب وصمة يصمهم بها و انهم لربما قدموا من كوكب آخر و انه شخصيا من اكتشفهم و كتب عنهم هذه الملحمة بعد ان قام بمغامرة كبيرة لزيارتهم .
و هذا يدل على ان المجتمع المصري قد لفظ البدو و اخرجهم من محيطه و اعتبرهم مجرد مجرمين يفرضون الاتاوات و يمارسون البلطجة . و هذه النظرة شبيهة بنظرة الامريكان للهنود الحمر .
و البدوي في مصر متهم في كل الاحوال بأنه اما بلطجي او مهرب مخدرات او خارج على القانون .
و هذا يدل على ان هناك مشكلة ازلية بين الطرفين سببها عدم فهم طبيعة البدو و طريقة حياتهم .
ان الكثير من بدو مصر غر متعلمين و يصعب عليهم تقبل العادات الدارجة في المجتمع المصري مما يجعلهم ينأون بأنفسهم عن النمط الاجتماعي السائد و يعيشون حسب نمطهم الخاص كون المجتمع لا يقبل تعدد المشارب و الخلفيات و البدو لا يستطيعون تقبل اي نمط اجتماعي غير نمطهم الخاص .
و نلاحظ ان الكثير من ابناء البدو الذين تعلموا اندمجوا في المجتمع و اصبحوا من نسيجه و مارسوا اسلوب حياته
بمعنى انه تخلوا عن عاداتهم و تقاليدهم الاصلية و ذابوا في مكونات محيطهم و تحولوا عن مفاهيم القبيلة و اصبحوا يعيشون بنفس طريقة المجتمع الفلاحي و يطلق ابناء البادية على هؤلاء صفة المستفلحين . ممايدل على انه ليس هناك تجانس في الطباع و المفاهيم و العادات بين الطرفين
ان التمسك بالبداوة لدى البعض ادى بهم الى اعمال غير سائدة و غير نمطية مثل ( الغفرة ) و هي تعني الحراسة و ادى ببعضهم الى المتاجرة بالمخدرات و العياذ بالله نتيجة الاحساس بانهم خارج المنظومة الاجتماعية و نتيجة نظرة الريبة التي يواجهون بها و لا ننسى قمع الامن المصري لهم دون رحمة و تلفيق التهم و التعذيب مما ادى الى انعزالهم و انزوائهم و ادى الى قيامهم بالدفاع عن انفسهم و كيانهم بطريقتهم الخاصة .
و المضحك ان كاتب الموضوع شعر بالخوف لان الشمس اوشكت على الغروب ليخبرنا في النهاية انه قابل مجموعة من البدو و كأنه يقول لنا انه قابل مخلوقات فضائية نادرة ؟ متناسيا انهم مواطنين مصريين لهم حقوق و عليهم واجبات كبقية خلق الله .
اخي محمد سعيد هذا الموضوع لا يستحق الطرح و يسيئ للطرفين و نتمنى ان يتفهم المجتمع المصري طبائع البدو و ان يتعامل معهم على انهم مواطنين و انهم بشر لهم كرامة و لهم قيم و يجب ان ينظر لهم باحترام .