عبرة ..بقلمي

صباحها أذرفت السماء سيولا..لم يعلق..يقولون عنه خيرا ولكنه يتشاءم
دائما يرفض
يري في ذاته ظاهرة
عقول البشر في اتجاه وهو في اتجاه أخر.
يفتي ويدعي الرومانسية وهي منه براء..الرومانسية ليست هراء يقال ولا مباديء تتبع ..إنها احساس تنجرف ورائه في بلاهة مسلوب القوة والإرادة ..لأنك لا تعي ماذا تفعل؟ ولا في أي اتجاه تقصد.. فقط أنت تسير وراء طيف يفتنك.
قالوا عنه مجنون ..كان يضحك..يتهكم..وهل يعترف المجنون؟!
مررا قال لهم:
- يا مجانين الحب واحد عبر العصور ..تتغير المشاهد والشخوص والظروف والمجتمعات والمضمون واحد..حب المجنون لليلي هو حب كثير لعزة هو حب روميو لجوليت..هو حبي لحياة
كانوا يسخرون وكأنه يلقي عليهم مزحة ..كان يبكي حين يمتلكه الشك ..أهم علي صواب أم أنا وحدي المصيب ؟
ولكن شكه لايدوم لأنه يفر منه هاربا وكانه عدوا يهابه.
مر عليه..أخذه وانطلقا إلي الشط..ما أبدع مرسي مطروح في الشتاء وفي شدة زمهريرتها!..إنها بقعة من أوروبا ..دموع السماء غسلت كل شيء مثلما دموع التائب تغسل خطاياه.
من يشاهد "عماد" وصديقه يتعجب..كيف يربط بينهما رباط الصداقة؟انهما مختلفان في كل شيء شكلا وجوهرا
ولكنهما اتفقا علي شيء واحد وهو حب البحر ..البحر الذي يبادلهما الحب والحنان فيضمهما اليه في تؤدة وحنان..ما أجمله اليوم وقد غسلته دموعه السماء ! مثلما تغسله دموع المحبين في الصيف..كان في أبهي حلية ..يحتاج كاميرا وصورة ..إنها عاشقة في لهفة للقاء حبيبها.
جلسا علي مقعدين متلاصقين ممن يضمهما الشط..لا أحد في هذا الزمهرير يسكن الشط..في حضرة البحر تتكمم افواههما..كل يعيش مع سمياه..كثيرا ما حثه "ماجد" علي الخروج من هذا القوقع الذي دفس نفسه بين ثناياه..قوقع الرومانسية المغرقة..مررا ما قال له :
- قل لها عن حبك..لا تحير قلبك..لا تعش في أوهام الماضي وبين ثنايات رواياته لن تجد هبلة أخري-يقصد عبلة- ولا ليلي فلا تكن عنترا ولا قيسا
- المادة أكلت الرومانسية مثلما أكلت كل شيء..لا تبحث عن الحقية في دنيا الوهم.
رسم لها صورة لعذراء أخذت من كل العاشقات ميزتها..كل ما فيها ينطق بالصفاء ..لو لم يكن محمدا خاتم المرسلين لظنها رسولا جاء لهداية البشرية..سبع تمناها في محبوبته
دين ..أدب..رقة..خجل..نعومة..صدق..احتواء ويكسو كل ذلك غطاء الحب..رأي فيها كل ذلك.. او تراءي له.
وجدها أمامه علي إحدي المقاعد تجلس في مسحة راهبة..سمع صوت نحيبها والعبرات تخفي جوهرتيها-عينيها-..اصطدمت عبراتها بكحلها مكونة مزيجا عجيبا ..ماأجملها وهي تبكي! قط صغير ..انتابه حالة تردد وتخلج ..لم يتمالك أن يراها تبكي أسدل عينيه عنها.. تظاهر بأنه لا يبالي ..وصديقه يراقبه كظله
داخله يصرخ
-قم وضمها الي صدرك وامسح عبراتها وقل لها الدنيا لا تساوي عبرة واحدة من عينيك الفاتنة بالحياء
ولكن هذا الشيء السفيه الذي قرائه في كتب الحب تملكه وسيطر عليه
قيده
قال له:
-لا تذهب..ستصدم في حبك ..الملاك الذي رسمه خيالك لن تجد له واقع ..إنها امرأة ككل نساء حواء..تسكوهن الخطايا ..لاتذهب واكتفي بحبك الصامت لتلك الصورة العذرية التي رسمها خيالك.
ضحك
علي صوته بالقهقهات
حاول أن يقنع نفسه أنه لايبالي بدمعاتها
انه ينتقم من نفسه
من حبه
تعلو قهقهاته
وتعلو صراخها
وهو يموت يهتريء
بكي
شقت دموعه علي رمال الشاطيء بحرا جديدا.ولم يتمالك أن يري ملاكه يبكي.."ماجد يحاصره ..إنه يمقت "ماجد" الان
جري
اسرع الخطي
إليها
في حجرته
إلي حيث وسادته التي يغفو عليها
في كسوتها البيضاء
إنها محبوبته
ضمها إلي صدره ..مسح عبراتها ..قال لها وهو يعصرها بين يديه:
- الدنيا لا تساوي عبرة واحدة من عينيك الفاتنة بالحياء
وغفل ومحبوبته تحوي حضنه
وفيضان دموعه أغرق المكان

انتهي