«المجتمع الذكوري» عليه أن يتوقف عن سياسة «التهميش»
بنات «عزوة أهلهن».. «الله من بنتٍ خير من ألف رجال»!
[BIMG]http://productnews.link.net/alriyadh/27-05-2011/L_152176964134.jpg[/BIMG]
فتاة تؤدي عملها بكل تفان رغبةً في دعم أسرتها بالمصروف الشهري
تبوك ،تحقيق - نورة العطوي
ساهمت الكثير من التغيرات الاجتماعية والفكرية في بناء شخصية فتاة اليوم، والتي برز دورها بوضوح فيما تعمله تجاه أسرتها، هذا الدور الذي يجسد إحساسها بروح المسؤولية حيال نفسها أولاً وأسرتها ثانياً ومجتمعها ثالثاً، لم يأت من فراغ، بل جاء كنتيجة طبيعية لما وصلت له من نضج فكري ومعرفي، قادها إلى أن يكون لها شخصيتها المعبرة عن ذاتها المستقلة بفكرها، تشارك في إدارة الأزمات الأسرية دون أن تقف عاجزة، ولتثبت أنها شريك أساسي في الاستقرار الأسري، سواء بالدعم المادي أو الدعم المعنوي، وهي بذلك تمتلك دورا حيويا وهاما، نجزم أنه لم يعد محصورا ًعلى أخيها الشاب، دور تخطي مرحلة الضعف إلى القوة، وبالتالي لا غرابة أن نشاهد الفتاة تشارك بإيجابية في الوقوف بجانب أسرتها، لتساندها وتقف وقفة الرجال في دعمها، وكأنها تقول للجميع: إن الفتاة هي من تكون «عزوة» و»سند» لأهلها.
مواقف وقصص أثبتت أن المرأة «أحن على إخوتها» وتساعدهم مادياً ومعنوياً
رعاية والدي
في البداية قالت «منال محمد»: دائماً هناك تصور أن الولد وحده يفيد في الكبر، بل ويحمل هم أبويه ويكون سنداً لهما، أما البنت فهي تتزوج وتذهب مع زوجها، وهذا التصور بلا شك يلامس الحقيقة، ولكن ليس في كل الأحيان، مضيفةً أنه على الرغم من أنها البنت الوحيدة بين أربعة أبناء، إلاّ أنها قررت العناية بوالدها المريض بعد أن توفيت والدتها وتزوج إخوتها، لينشغلوا حتى عن زيارته ومرافقته إلى المستشفى، مكتفين بالاتصالات للاطمئنان عليه، مشيرةً إلى أنها هي من تعمل على رعايته، وكثيراً ما رفضت الخاطبين لأنها لا ترغب تتركه، وهو الذي غمرها بالدلال والحنان، حتى أنه دائماً ما يقول «كم تمنيت أن يكون لدي أكثر من ابنة».
عزوة أهلها
واعترفت «أم سالم» أن هناك أكثر من أُسرة، البنت فيها تكون هي «عزوة» أهلها، بالرغم من وجود أكثر من ولد لديها، وذلك لأن كل واحد منهم هو مشغول بزوجته وأبنائه وعمله، ولو أحسن فعلاً وجاء لزيارتهم فذلك من باب الخوف من عدم «الشرهة»، مضيفةً: «يؤسفني أن أحد أبنائي حين يأتي لزيارتنا لا عمل له سوى قراءة الجرائد ومتابعة المباريات، ثم يذهب دون أن يسألنا إن كنا بحاجة إلى شيء ما، في الوقت الذي تحرص فيه بناتي على التناوب على زيارتنا يومياً وتلبية جميع ما نحتاجه، بل إن أصغرهن اشترطت على زوجها أن يستأجر منزلهما بالقرب منها».
مساعدات مادية
وأوضحت أن كل واحد من أبنائي لديه وظيفته الجيدة، إلا أنهم دائماً ما يطلبون من والدهم مساعدات مادية، رغم علمهم ألا دخل له سوى ما تقدمه بناته له من مصروف شهري، هذا عدا ما يتم إحضاره معهن من مشتريات للمنزل وهن قادمات لزيارتنا، ذاكرةً أن أبناءها يرمون بمتطلباتها كالكرة في مرمى الآخر، مثل أن يقولوا: «شوفي فلان، أنا مشغول»، لافتةً إلى أنه مهما كان الابن حنونا وطيبا مع أهله، فإنه لن يصل لإحساس الفتاة التي تحس بكل ما نحتاج.
رجل البيت
وقالت «هنادي البلوي» -تعمل في أحد القطاعات الخاصة-: إن عطاءها لأهلها وتحمل المسؤولية منذ صغرها، جعلها تعمل بمهمة «رجل البيت»، مضيفةً: «توفي والدي وأنا طالبة في المرحلة الجامعية، فكانت مهمة تربيتنا مهمة شاقة على والدتي، التي تتمتع بشخصية هادئة ومسالمة لأبعد الحدود، فكنت دائماً أرى استهتار إخوتي المراهقين بأوامرها، بل وعدم الانصياع لها، ومهما كانت تحاول معهم لا يستجيبون لها، حتى بدأ أحدهم على رغم صغر سنه بالتدخين، من هنا ولدت لدي قوة كبيرة بفرض نوع من الحزم والجدية في تربيتهم، ورغم أن المهمة كانت صعبة، إلاّ أنني استطعت النجاح فيها، فجميع إخوتي ممن يشهد لهم بحسن التربية والأخلاق والتعليم العالي، ولن أرضى طوال تلك السنوات إلاّ بمشاهدتهم في أفضل الوظائف، حتى وإن كان الثمن هو عنوستي».
وأشارت إلى أنها ما زالت تقدم يد العون لأشقائها وشقيقاتها بعد أن تزوجوا وتوظفوا، بل إنها تعول شقيقتها الذي توفي زوجها مؤخراً تاركا لها هم الديون والإقساط، مبينةً أن أكثر ما يسعدها هو استشارتها واستئذانها بكل شيء من قبل إخوتها الذكور، فهم دائماً ما يقولون لها: «أنتي عزوتنا»، ذاكرةً أنها تتقاضى مرتبا شهريا قدره (9000) ريال، ولا تصرف منه هي ووالدتها سوى (2000) ريال، والباقي تسدد به قيمة أقساط وديون لجأت لها لتعليم وتزويج إخوتها.
نزعة اجتماعية
وقالت «فاطمة العقيلي»: بعد إنجابي لخمس بنات الواحدة تلو الأخرى، قرر والدهن الزواج من أخرى بحثاً عن الابن السند والعزوة، وقد رزقه الله حينها من زوجته الثانية ثلاثة أبناء، والآن بعد مضي (20) عاماً تغير ذلك الامتعاض والحسرة التي كانت تحل به عند إنجابي للبنات إلى فخر وإحساس بقيمة وجودهن، مضيفةً أنه اكتشف أن فرحة إنجاب الولد لم تكن سوى نزعة اجتماعية، فضلت الذكر على الأنثى، فبناته اليوم هن السند له في مساعدته على رعاية الذكور، بل وأصبح هم العائلة كله على عاتق ابنتها الكبرى.
وأوضح «مازن سالم» أنه رفض فكرة الزواج بعد أن توفيت زوجته تاركةً له ابنتين، ليشفق عليه الجميع لأنه «أبو البنات»، مضيفاً: «لا أبالغ إذا قلت أن المجتمع الذي أعيش فيه لم يتقبل فكرة أن أكتفي بابنتين، فقد طالبني بالزواج من جديد بحجة أن الولد يحمل اسم والده، وأنه عزوة وسند، في حين أن ابنتي تحملان اسمي ودمي، فهما البذرة الصالحة التي رزقني الله تربيتهما كما رزقني اليوم برهما، فقد لا يصدق أحدهم بأنهن يتسابقن على خدمتي ويتخاصمن حين تسبق إحداهن الأخرى، فماذا أريد أكثر من ذلك؟».
صناعة الحياة
وتحدثت «د. عائشة الحكمي» -كاتبة وأكاديمية في جامعة تبوك- قائلةً: ما إن عرفت المرأة دروب العلم والثقافة والمعرفة، حتى وقعت على ما لها وما عليها، فأخذت شخصيتها تتضح، بل واكتشفت أنها قادرة على أن تعمل ما يعمله الرجل، بل في أكثر الأحيان تتفوق عليه، وهذا أصبح معلوماً لدى عامة الناس، فوثق المجتمع بقدرتها، وأنها قادرة على تحقيق كل شيء في الحياة دون مساعدة، هذا بعد أن أصرت هي وأقحمت نفسها وفرضت وجودها وفكرها فرضاً، ذاكرةً أن الرجل في السابق إذا أنجب بنات فقط يعتبر نفسه عقيماً، ويتحرج من أن يكنى باسم امرأة، لكن الآن يتقبلها الرجل كما هي، ويحرص على تعليمها، بل ويدفعها إلى الوظائف، وقد يطمع في انجازاتها، لكنها تمضي وتفكر وتؤكد على أنها قادرة على السيطرة على أي أمر يواجهها.
وأضافت: في عصرنا الحاضر نطالع كثيرا من المواقف الحياتية تحقق فيها الفتاة البطولة مثل فتاة عقلة الصقور «شلوى الرشيدي»، والتي تغلبت على ذئب مسعور داهم منزلهم في البادية، وكاد يلتهم الأطفال ويقضي على الأسرة جميعاً، لكنها أحكمت قبضتها عليه بقوة لحين وصل والدها ونحره بالسكين، برغم وجود إخوتها الذكور، مضيفةً: «قبل أيام فتاة أخرى يتعرض أخوها لأزمة صحية أثناء سفرهما بالسيارة من الأحساء إلى الدمام ليلاً، فسيطرت على السيارة وقادتها أكثر من (200) كم إلى أن وصلت المنزل»، مشيرةً إلى أنه في المجتمعات الإنسانية في العصر الحديث، أصبحت المرأة تخدم ذاتها وتدير حياتها وفق رؤيتها هي، سواء متعلمة أو غير متعلمة.
تحياتي لفتياتنا ,,,, لبناتنا عزوة اهلهم 