كنت في ما مضى اعشق ركوب الطائرات .. احب التحليق بعيدا عن اليابسه .. بل كنت اتمنى ان اصبح طيارا وكانت امنيه الطفوله .. الا انها لم تتحقق .. أوصبحت هذه الامنيه هوايه امارسها مسافرا من بلد الي اخر ..
مستمتعا بالاقلاع .. انظر الي الارض من النافذه فأرى البيوت تصغر شيأ فشيأ حتى تصبح المدينه عباره عن نقطه صغيره .. ونحن بالاعلى عباره عن ضوء صغير ينضر له احدهم هناك ..
الا ان الله قدر ان يكون صديقي احمد رفيق لي في كل رحلاتي .. احمد هذا يخاف من ركوب الطائرات بشكل هستيري .. احمد هذا افسد متعتي برحلات الطيران !!!
في احد الايام كنا انا وابو حميد عائدين من الاسكندريه الي دمشق .. منذ ان اقترب موعد الرحله بدأ صديقي بمحاولات جاده ان نذهب الي سوريا عن طريق البحر وعندما علم ان هذا الامر هو المستحيل بعينه .. قام بأغرائي
ان على الاقل نذهب للقاهر بالقطار لان رحلتنا من الاسكنديه للقاهره ثم دمشق وبات يعدد لي محاسن القطار .. قلت له احمد الله انه لايوجد قطار الي الشام .. بالفعل ذهبنا بالقطار للقاهره .. وعندما وصلنا مطار القاهره علم صديقي ان محاولته في تأخير ركوب الطائره
قد انتهت .. صعدنا الي الطائره فجلس على المقعد وجلست بجواره .. بات يقلب بصره في الطائر .. انظر للغبار على النافذه الطائره قديمه جدا .. سلطان شوف بسرعه الجناح ليس بشكله الطبيعي !!
انا لست مرتاح لهذه الطائر دعنا ننزل ونحجز على رحله ثانيه
_ احمد انت مجنون جالس تتوهم يا اخي الطائره مافيه شي والاعمار بيد الله
_ نعم صحيح بس لازم ناخذ بالاسباب ..
سكتنا قليلا ثم نظر الي بنظرته الثاقبه وقال احنا بعيدين عن باب الطوارئ دعنا نغير مكاننا .
_ لاحول ولا قوه الا بالله ماذا تريد بباب الطوائ
امسكت بمنشوره وقد بدأ افقد اعصابي .. وقرأت وانا انظر له بطرف عيني وادعي الله ان يهدأ قليلا
بعد قليل التفت الي وقال تأكد من ستره النجاه هل هي موجوده تحت مقعدك ؟
_ احمد يرحم والديك حل عنا
حلقت الطائره عاليا والتوتر يظهر جليا على وجه صاحبي .. وهو ممسك بالمقعد الذي امامه .. ولا يتحرك بتاتا وكأنه تمثال من الشمع
لم يتكلم معي بكلمه واحده حتى انه لم يلتفت علي ابدا .. وما ان وصلت الطائره الاجواء السوريه وبتنا قريبين من الهبوط .. حتى عادت الطائره للتحليق مره اخرى
اخذت محاولات كثيره للهبوط الا ان كلها باء بالفشل
نظرت الي صديقي وليتني لم انظر .. وجدته على وضعه السابق الا ان العرق بات يصب منه بغزاره .. بحق لقد اشفقت عليه كثيرا ..
وبحمدالله هبطت الطائره بسلام كان صديقي اول من نزل من الطائره بعد ان صدح بعبارات الحمد بصوت جهوري .. حاولت الحاق به الا انه كان يسير بسرعه جنونيه طبعا على اقدامه ..
لحقت به في صاله المطار
_ الحمدلله على السلامه يا احمد
لم يجيبني واكتفي بنظره عتاب قاسيه .
حاولت جاهدا ان استنطقه .. الا انه لم يعرني انتاها .. حتى انني ضننت انه لن يكلمني الدهر كله
بعد ان وصلنا للشقه نظر الي وقال : انت تبغى تقضي علينا .. يا اخي حرام عليك والله هذي اخر مره اسافر بالطائره ..
بالفعل لم يركب صديقي بعد ذلك اليوم طائره ابدا .. بل اكتفي بمتابعه اخبار حوادث الطائرات ... ليؤكد لنفسه ان قراره صائبا ..
في هذا اليوم كتب الله لي ان اسافر بالطائره مجددا ولكن دون رفيق دربي ..لانني لو عرضت عليه الامر .. ربما خرجت من عنده بعاهه مستديمه ..
ولكني اخبرته انني مسافر بالطائره .. ابتسم ابتسامت الشخص الخبير ببواطن الامور .. ابتسم ابتسامه حكيم اتاه جاهلا بأمر احمق ..
لم يقل لي شي رغم انني ضننت انه سيلقي على خطبه عصماء .
ذهبت الي المطار بمفردي وكان مقعدي في اخر صف من مقاعد الطائره .. عن يميني اثنان من الجنسيه البقاليه وعلى شمالي ثلاثه اخرين من نفس الجنسيه
شعرت بالضيق من صوت محركات الطائره ومن رائحه الزيت الذي اغرق رفقائي الخمسه شعورهم به وفاحت رائحته في المكان ..
استدعيت الموظف وطلبت منه ان يجد لي مقعد في الدرجه الاولى بأي سعر كان اجابني لايوجد مقعد خالي !!
لم يكن سبب استدعائي للموظف هي رائحه الزيت الكريهه .. بل انني بحثت حولي عن مخرج طوارئ ولم اجد رأيت واحد في الامام لن استطع الوصول له من زحمه الناس فأذا حدث شي سيتدافعون
وربما اموت دون ان اصل له .. اخذت اتحسس تحت مقعدي فوجدت ستره النجاه .. وما ان اقلعت الطائره حتى تسمرت مكاني .. ارى المسافرين يتناولون الوجبه المقدمه لهم وانا اتصبب عرقا
وارفض كل ما يقدم لي .. استدعيت الموظف مره اخرى قلت له هل يوجد مخرج طوارئ غير الذي بالامام .. ابتسم وقال نعم هنا بالخلف وانت اقرب شخص له ..
كدت ان اقبل رأسه من شده الفرحه !!!!
منك لله ياصديقي لقد ورثتني الجبن ومضيتي
لاشك انك ستقيم وليمه عندما اخبرك قريبا انني لن اركب طائره ابدا .. فلقد عاد الي رشدي
الزيزفون
3/9
الاجواء السعوديه
بين الرفقاء الخمسه 