علينا استيراد التقنية و توطينها للدخول في عصر الحداثة وما بعدها لكي نتمكن من البقاء والمنافسة في عالم سيستغني عن البترول، هذا إذا لم يكن قد نضب قبل ذلك، والعالم تاريخيا لم يغادر العصر الحجري لنفاد الأحجار، بل لاكتشاف بدائل لها، والتقنية في الأساس اختراع انجليزي، إذ أن انجلترا كانت دولة فقيرة لا تملك غير البطاطس والفحم الحجري، ولكنها اكتشفت أن هذا الفحم يمكن أن ينتج الطاقة التي تسيّر كل شيء، وبين عشية وضحاها أصبحت انجلترا أغنى وأعظم دولة في العالم، وتمكنت من أن تحكم ثلاثة أرباع العالم، وفي عصرنا الحديث استطاعت الصين أن تصبح ثاني قوة اقتصادية في العالم، وذلك لأنها قامت باستيراد التقنية وتوطينها، فهي مثلا عندما أرادت أن تدخل عصر السكك الحديدية لم تستورد القضبان والقطارات، بل استوردت المصانع ومعها التقنية (أو العقول) التي تشغلها وفي نفس الوقت تعلم أبناء الصين، والآن تقدمت الصين على اليابان في صناعة القطارات، ودشنت قبل أيام أسرع قطار في العالم يسير على أطول طريق حديدي في العالم (2500 كلم)، ونحن عندما أردنا أن نجدد القطارات التي تسير على خط الدمام - الرياض استوردنا قطارات إسبانية أصيبت بضيق التنفس ودخلت في غيبوبة عند تشغيلها، والآن نحن بصدد إنشاء شبكة حديدية تغطي المملكة من شمالها إلى وسطها ومن شرقها إلى غربها، وربما تمتد إلى دول الخليج المجاورة، وأخشى ما اخشاه أن نستورد القطارات بدلا من أن نصنعها ونعلم أبناءنا كيف يصنعونها، ونقضي على البطالة التي نشكو ونبكي منها، وغير القطارات هناك مجالات كثيرة يمكن أن نوطن التقنية فيها وأقربها التحلية، وذلك بأن نشجع الشركات العالمية المتقدمة في التقنية بالاستثمار في بلادنا لا بالمال وعندنا فائض منه، ولكن بالعقول ونعتبرها جزءا من رأس مال الشراكة بيننا وبينها على أن يتعلم أبناؤنا منها، وبذلك ندخل في عصر الحداثة، ومما يجب أن يذكر ويحمد في هذا الصدد أننا أسسنا أخيرا جامعة الكترونية تعزز التوجه نحو اقتصاد ومجتمع المعرفة، وعلى هذا التوجه يجب نسير.
استيراد التقنية و توطينها
العرض العادي
