انطلقت احتجاجات كلامية تخرج من هياكل آلية لاتعرف الحياء الإنساني ضد المملكة من القضية السورية، وكعادة ماكينات الكلام لا تعمل خارج مهامها المبرمجة عليها... لا تناقش ولا تحاور، فقط تطلق التسجيلات التي تم تعليقها بسلك ناري في أفواههم، فهم آلات تحركها يد مشغلها.
حالة قديمة تتجدد مع كل أزمة في الإعلام العربي، فأهل الكلام الذين نزع من جوفهم الضمير منذ جاهلية قريش الى جاهلية البعث لا ينطقون حقاً بل استحقاقا لمصالحهم وجيوبهم وشهواتهم، احد هذه الآلات يرى ان الدفاع عن نظام بشار دفاع عن مقدسات الإسلام وعن سلطة الله في الأرض، وان السعودية تحارب بعث الأمة المقدس، فهل يستطيع إنسان أن يدعي بذلك مهما كانت وقاحته، إلا أن يكون آلة تشتغل بأمر وتطفأ بأمر.
ما حصل من بعض أعضاء الجامعة العربية يوم الأحد الماضي في القاهرة من تباين في الآراء وتباعد في المواقف حيال التدخل العسكري في سورية يوضح تماماً ان الجامعة لم تعد تمثل قراراتها التي وافقت عليها، ففي القمة العربية الأخيرة في الدوحة اقر رؤساء الوفود بان التحالف الوطني هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري وهذا يعني ان وجود نظام الأسد في سورية هو وجود رئيس عصابة مغتصب، فأعضاء الجامعة على أساس هذا القرار أعطوا بالإجماع مقعد سورية للتحالف الوطني بعد سحبه من نظام البعث.. نعود لموضوع الضربة العسكرية نجد أن ممثل الشرعية السورية يطالب بالتدخل العسكري لإنهاء مأساة شعبه، فالدعوة للتدخل العسكري هي مطلب شرعي لأبناء الشعب السوري وليست نتيجة إملاءات خارجية كما يدعي البعض، ومن هنا يأتي انتقاد بعض مواقف الدول العربية التي تعترف بالتحالف الوطني كممثل وحيد وشرعي للشعب السوري، وفي مرحلة الحسم تعترض على توجه الممثل الشرعي للقرار والشعب.
فعلى الرغم بأن مشكلة الأمة العربية هي مشكلة سياسية بالدرجة الأولى إلا أن هذه الأمة ليست أمة سياسة ولا مواثيق ولا شرعية، فتتحول في بعض الأزمات الى أمة بلطجية وإعلام نابح وممثلين لكراسي وليس لشعوب، فكيف تعالج الأزمات في هذه البيئة الخانقة التي تشبه المغارة لا يخرج منها إلا نباح ولا تشم فيها إلا غبار ... فان عابوا على المملكة احترام الشرعية ودم الشعوب العربية وآدميتهم فهذا عيب خالد فينا ولن يتغير.
د . مطلق سعود المطيري
الرياض