ابراهيم بن سمران الجوهري الحويطي
بقلم. عبدالله بن عيد بن رفادة البلوي
رحـــل عنا رجلًا.. من خيرة الرجال..
رجلاً تفانى في خدمة.. دينه, ووطنه, وقبيلته.
رجلاً.. طوى في ثناياه كل سجايا النبل والشجاعة والوفاء والتضحية. لا سيما في هذا الزمان الحرج.. ونحن في امس الحاجة الى هذا الصنف النادر من الرجال الاوفياء.
رجلاً.. لم يشبهه إلا القليل من الرجال شهامةً ونبلًا وصدقًا ووفاءً..
رجلاً.. اجتمعت القلوب على محبته.. والنفوس على تقديره واحترامه.
رحـل .. ولم نسمع منه أو عنه إلا الخير والبر والصدق.
ليس من السهل أن تختصر رحلة من العطاء والانتماء والوفاء والمشاعر الفياضة في بعض كلمات أو في عدد من الصفحات فهذا أمراً متعذر مع شخصية أمتزج فيها النبل بالفكر . وتأصلت فيها كل معاني الإنسانية والرجولة والأخلاق الكريمة.
كنت مقرباً من أفراد هذه الاسرة الكريمة, وعلى رأسها العميد ابراهيم والعميد صالح وباقي الاخوان وابنائهم ..وما رأيته منهم.. يستحق الإشادة والتقدير. واشهد الله بأني رأيت رجال حملوا قبيلتهم فوق هامات الجبال.. فكانوا خير سفراء لها ..... كيف لا ؟؟ وقد كان العميد ابراهيم بن سمران الجوهري الحويطي هو القائد الاعلى والاب والمربي والقدوة لإخوته. حيث ان القدر وضعه أمام مسئوليه كبرى وفي سن مبكرة بعد وفاة والدهم رحمه الله.. بارك الله فيهم جميعا وفي أبنائهم.
أذكر لقائي الاول مع العميد ابراهيم, قبل سبعة سنين في تبوك. رغم اني سمعت عنه كثيراً قبل لقائي هذا. سمعت عن شخصيته الفريدة. سمعت عن اخلاقه وكرمه وشهامته ..
إلا اني رأيت في لقائي هذا, رجلاً أبعد من ذلك..
رأيت رجلاً.. تتسم في ملامحه قيادة..
رأيت رجلاً.. يقول الحق والحقيقة..
رأيت رجلاً.. شريف النفس حكيم .
رأيت رجلاً.. قليل الكلام وان تحدث لا تريده ان يصمت.
رأيت رجلاً .. يستحق الاحترام والتقدير والاشادة..
لقد فقد الوطن والقبيلة والأهل والأصدقاء, رجل قديراً وابنناً باراً من أبناء الشمال. قدم للوطن الكثير والكثير من الجهد, ساهم بشكل فعال في تطوير وزارة الدفاع وخاصة في مجال التدريب والتسلح, إلا ان تواضعه وبعدة عن الاضواء, هو سبب عدم معرفة الكثير منا عن إنجازات هذا القائد في السلم الحرب. واستعرض اليسير من مسيرته.
تخرج من الكلية الحربية وتدرج في الرتب إلى أن وصل رتبة عميد.
حصل خلال حياته العسكرية على العديد من الشهادات التقديرية.
حصل على العديد من الاوسمة.
شارك في الحروب التي عصفت بالمنطقة نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي.
كُلف بالعديد من المهمات الخاصة جداً, والتي لا تقبل إلا الرجال المخلصين.
وسأتطرق لأحدى هذه المهمات لأهميتها في تاريخ هذا القائد. عُرفت باسم ( الصواريخ الصينية)
في أواخر الثمانينات من القرن الماضي أدرك الوطن حاجته الى تطوير القوات المسلحة ولن يتم ذلك إلا بامتلاك السلاح الاستراتيجي أمام القوى المتصاعدة في المنطقة. فبداء المشروع في سرية تامه وعلى عدة مراحل, وأُخذ بالاعتبار الدقة في اختيار الضباط المميزين والقادة المحنكين, كان القائد بن سمران من اهم القادة الذين تم اختيارهم للمرحلة الاصعب من هذا المشروع الكبير. والذي على إثرة تغيرت موازين القوى في المنطقة واصبح الوطن يملك سلاح الردع أمام أي قوه معادية كما صرح بذلك الامير بندر بن سلطان في أحدى البرامج الوثائقية.
في الحقيقة اني وقفت كثيرا عند عدة محطات في حياة هذا القائد القدير. وادركت بأني لن استطيع أن أوفيه حقه من خلال هذه الأسطر الموجزة. واتمنى ان يخرج علينا أحد الابناء او الباحثين ليجمع لنا تاريخه وفق منهج علمي صحيح
وفي خاتمتي لهذه الأسطر.... أقول
هذا هو القائد بن سمران الجوهري الحويطي الذي فقدناه
وفقدنا معه أحد الاستثناءات التي توحي.. بأن الدنيا مازالت بخير
انتقل الى جوار ربه يوم الاثنين الموافق 9/5/1435هـ خارج الوطن
وفي يوم الخميس الموافق 12/5/1435هـ شيعت جنازته من مسجد الملك خالد بالرياض الى مثواه الاخير رحمه الله رحمتاً واسعه.
لقد كان هذا اليوم هو يوم الفراق.. يوم الرحيل.. يوم بكت فيه الرجال.. على رجل كريم. عاش معنا.. إلا أنه لم يعيش لنفسه كما عاش غيره..
حمل على عاتقه هم الضعيف والمحتاج وتفانى في ذلك.
وبنهاية هذا اليوم طويت صفحة مجيدة من صفحات الشهامة والحمية. ولا يسعنا إلا أن نرفع أيدينا نحو السماء قبلة الدعاء, التي بها خزائن الرحمات والبركات .. داعين الله عز وجل, أن يرحمه وأن يُدخله فسيح جناته, وأن يُلهم أهله وذويه الصبر والسلوان, وأن يحفظ أبناءه هيثم وحسين وعبدالله, ويجعلهم أبناءً صالحين مُصلحين كما كان والدهم رحمه الله يتمنى.
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ