الجميع يصرخون في وجه "نزاهة" عندما تكتشف بؤر الفساد وأعشاشها، لأننا لم نتعود النطق بالحقيقة، أو كشف عورات المتجاوزين للقوانين، ورغم ما يقال عن تقصيرها وإنها صوت لا صدى له، فإنها على الأقل تخطت حاجز التستر والصمت في فضح ما كان مسكوتاً عنه لسنوات طويلة، ومهما كان ذراعها قصيراً وخطواتها بطيئة الا أنها دخلت المعركة ولو بسلاح التشهير وبقية التحقيقات والجزاءات من شأن دواوين المراقبة والقضاء والوزارات المعنية ملاحقة الفساد.
آخر السجالات جاء بين نزاهة ومجمع الأمل للصحة النفسية بالرياض ونحن نعرف أنه بالصور الناطقة من داخل المجمع وجد الإهمال التام بالنزلاء والتعامل معهم كسجناء لا مرضى بُني المجمع لعلاجهم وقد شوهد كيف تتسرب الأدوية ومنظر المطابخ والحمامات وغرف النوم وصالات التجمع وكأنها حظائر لا مأوى للبشر.
وإذا كان المسؤولون بالمجمع يشككون بصحة ما تملكه نزاهة من وثائق فقد سبق لوسائل الإعلام كشف هذه التجاوزات والعيوب وحتى نقف على الحقيقة هل يمكن تشكيل لجنة محايدة من قطاعات مختلفة تقف على الواقع أم أن نزاهة تكشف وثائقها لتعطي الحقيقة صورتها الواقعية.
الجانب الآخر أن هذا المجمع وغيره من المجمعات التي تختص بجانب العلاج النفسي والطبي لا نجد لها وجوداً في دراسات عن حالات المرضى ونسبهم في المجتمع والدوافع التي تغري العديد من الأشخاص تعاطي المخدرات، أو الأمراض الوراثية وكم حجمها والمدن التي تتكاثر بها، وحتى موقع المجمع الذي يهتم ببعض الأخبار والنشرات العقيمة لا يعطي الجانب التحليلي أو الدراسات المهمة لوضع اجتماعي تكاثرت فيه هذه الأمراض..
وإذا كان الجانب الإنساني شبه مفقود، وأن هناك شكاوى من العاملين بالمجمعات فمعالجة هذه الإشكالات يمكن حلها، لكن المؤسف أنه حتى بالإمكانات الموجودة لا يوجد عمل يوازيها، وربما السبب يعود لنقص الرقابة وتفشي الفساد منذ بدايات التأسيس، ومن المؤلم أن نرى بعض الميسورين يرسلون أبناءهم لدول مجاورة والابتعاد عن هذه المجمعات لتبقى الطبقات البسيطة ومن دونها هم من يرقدون أو يراجعون تلك العيادات..
أيضاً هناك من يرى أن الأطباء والأخصائيين والمتابعين لتلك الحالات ليسوا على كفاءة تامة ربما لضعف الرواتب والمحفزات الأخرى الجاذبة للكفاءات المميزة، ثم إننا لا نجد لكليات المجتمع أو وزارة الخدمة الاجتماعية الإسهام بدراسة حالات نزلاء هذه المجمعات حتى تستطيع الاطلاع على واقع يتزايد في بيئتنا العامة وحتى وزارة الصحة المثقلة بإرث السنوات الماضية نجدها لا تهتم بشكل إيجابي بما نشر عن هذه المجمعات وأسلوب إدارتها والنواقص الكثيرة التي يعاينها المرضى من العاملين والمشرفين عليهم..
نزاهة لا نظن أن بينها وبين مجمع الأمل خصومات وثارات فهي تتلقى الشكاوى وتقوم بالمعاينة والتحقيق أسوة بإدارات ووزارات أخرى، وعلى ذلك فإن دفع التهم أو محاولة تغطية العيوب بالصراخ لا يحل مشكلة من لحق بهم الأذى، والمجمع عليه أن يفهم أن العيون التي رأت لم تكن مخطئة!!
يوسف الكويليت
جريدة الرياض
مجمع الأمل لا يحمل من اسمه شيئاً !
العرض الشجري