الملك سلمان يعلي شأن المواطن

أحسب أن الأيام تمضي على وتيرة ليست كالتي نعرفها.. فإن نبض المجتمع وخطاب الشارع قد اختلف اختلافا كبيرا عما كنا نعهده ونعرفه.. ولم يعد المألوف هو ديدن الحياة الاجتماعية.. بل تغير كثيرا وطرأ على حراكه الاجتماعي موجات تترى وترسل إشعاعات مختلفة التعبير.. بعيدة المدى وأحيانا ما تكون بعيدة عن مرامينا وأهدافنا الإيمانية والأخلاقية.

الملك سلمان يشكم ظاهرة التعصب الرياضى :

لقد تألق سلمان بن عبدالعزيز وتجلى في قراراته الحاسمة والسريعة والإيجابية والفورية التي جاءت تلبية لنبض الناس.. فلكل حالة علاجها ولبوسها.. ولعل من أبرز الملامح التي تعنينا في هذا المجال وفي هذا الخصوص هو قراره الحكيم في وأد جرثومة التعصب في مهدها.. وحقن المجتمع بمصل من شأنه أن يقوي المناعة عند الوسط الرياضي وهو كما تعلمون (كبير).. ولعلي لا أقول هذا الكلام جزافا وإنما أصدره عن معرفة وقرب بل والتصاق بالحركة الرياضية منذ أكثر من نصف قرن.. وكما هي سنة الحياة فإن جريانها كجريان السيل يحمل الغث ويحمل الرواء.. من هنا فإن القرار السامي الحكيم جاء ليطفئ النار ويشعل النور الأحمر أمام كل هذه الترهات.. التي قال عنها رسولنا الحبيب.. دعوها فإنها منتِنة.. صدق رسول الله.

ومبعث نتانتها أنها كالسرطان (وقانا الله شره) ينتشر بسرعة كانتشار النار في الهشيم.. والمدرجات الرياضية هي الساحة والحقل التي تخصب فيه هذه الظاهرة الكريهة وتنمو.. فكم من طفيلي أمي جاهل لا يعبأ بما يقول يثير حفيظة الحليم فتنمو وتترعرع الكراهية في ظل هذا الوضع.. مما يسبب انفصاما وانشطارا في المجتمع.. ومن الواقع نلمح صورا يدمي لها الفؤاد في البيت الواحد اتحادي وأهلاوي وفي البيت الآخر هلالي ونصراوي.. وهكذا تتشعب الأسر وتختلف حسب الفئوية وهذا شأنه خطير.. فتكريس هذه العداوات وتغذيتها من جانب وسائل الإعلام التي بكل أسف تخلت عن مبدأ الحيادية وتنكرت لرسالة الإعلام وأهدافه السامية وتخندقت تحمل شعار الهلالي أو النصراوي أو الاتحادي أو الأهلاوي.

والجماهير بتشجيعها السليم النظيف النقي أمر هام وحيوي ومطلوب وهو من ركائز تقوية الحركة الرياضية.. حتى قيل عنه أنه اللاعب الثاني عشر في أي فريق.. لقد أجمع حكماء الرياضة والمقننون بأن لابد للاستمتاع بفنيات الكرة من أن يكون هناك تحيز لفريق معين.. حتى يعيش المشجع لحظات المباراة في تفاعلات من شأنها أن تفرغ شحنات تموج في الداخل فيكون لتفريغها أثر بالغ على نفسيته واستمتاعه بالكرة وفنونها ونجومها في الملعب.. شرط أن يكون ذلك مع صفارة الحكم بداية ومعها نهاية.. وأن يترك ما عدا ذلك في الملعب.. ولعلي من أجل أن أقرب الصورة فإن اللاعبين هم أقرب مثالٍ لذلك يتنازلون بعضهم البعض ويتنافسون منافسة شريفة على الكرة.. ويتعرض البعض منهم للإصابة ومع ذلك وما أن تنتهي المباراة حتى يعود جو الألفة والمحبة بين اللاعبين.

الإعلام الرياضى وخطورتـه :

ومن هنا تبرز أهمية أن ترقى الصحافة الرياضية إلى ممارسة المسؤولية الحقة النظيفة البعيدة عن إثارة النعرات والعصبيات.. وأن ترقى قاعدة التنافس الشريف.. وأن يتحلى الإعلاميون بأقرب درجات المثالية ويرتقوا إلى مصاف أمانة الكلمة.. وألا يتركوا روائح العصبية تزكم أنوفنا وتشعل الفرقة والانقسامات في داخل مجتمعنا.

شجاعة وزيـر الإعلام :

ولعل شجاعة وزيـر الإعلام وقراره الذي اتخذه في شأن جريدة رياضية وإيقاف رئيس تحريرها.. يكون رسالة بليغة المضامين ولتكون جرس إنذار لكل أبنائنا في الإعلام الرياضي.. أن يبعدوا ويباعدوا أولئك الذين همهم أن يشبعوا نزواتهم من خلال إحماء وتسخين الساحة بكل عوامل السلب والإثارة وإذكاء روح الصراع بأسلوب الحمية حمية الجاهلية بدلا من التنافس الشريف.. في وقت نحن أشد حاجة لتكريس روح الأخوة والتآلف والانصهار في بوتقة الوطن وإعلاء مصلحته فوق الجميع.. وحسبي الله ونعم الوكيل..

علي محمد الرابغي
عكاظ