نصفنا يشكو نفسيا
عيسى الحليان - عكاظ
تقول دراسة نفسية اجتماعية إن نصف السعوديين يعانون من أمراض نفسية.
وعزت الدراسة التي قامت بها الأخصائية النفسية السعودية ملاك المليك الأسباب إلى متغيرات الحياة السريعة وقلة فرص العمل ونقص المردود المادي وارتفاع حالات الطلاق وانتشار المخدرات.. إلخ ماجاء في الدراسة.
مثل هذه الدراسات تقف عند هذا الحد فقط ولا تغوص في الأسباب وأسباب الأسباب وتخلط بين السبب والنتيجة فالطلاق وانتشار المخدرات وغيرها وإن كانت سببا فهي نتيجة أيضا لأسباب أخرى.
كما أن قلة فرص العمل أو نقص الدخل لا تبرر كل هذه النسبة الكبيرة باعتبار أن الذين لا يعملون لا يصلون إلى هذه النسبة أما الذين تنخفض دخولهم فهم لا يقلون دخلا عن بعض الشعوب التي تقتات على نصف الدخل الفردي السعودي ورغم ذلك فهم لا يصنفون من الشعوب المكتئبة.
الشاهد أن هذه النسبة العالية من المرضى نفسيا وربما أكون واحدا منهم تتنافى مع الطروحات المثالية عن المجتمع السعيد الذي يعيش بحبوحته بسبب تمسكه بالعادات والتقاليد والحفاظ على الموروث والخصوصية الاجتماعية والتمسك بالتراث والهوية إلخ مثل هذه المفردات الطوبائية التي تملا فضاءنا الاجتماعي والثقافي.
أعرف من هذه النسب العالية التي تتجاوز الخطوط الحمراء أن التابوهات الاجتماعية وغياب التعددية الاجتماعية لم تصنع مجتمعا سعيدا حتى في ظل المال وأن العقد التي يعاني منها المجتمع تتراكم مترسبة في النفوس ولم تستطع معها كل هذه الخصوصيات نفعا.
أجمل ما في الدراسة أن الاكتئاب بالنسبة للرجل كان مصدره الرهاب الاجتماعي وبالنسبة للنساء الوسواس القهري وأنا أبصم مع الاستنتاج لكن الأسباب وطرق العلاج تظل هي الجانب المغيب في هذه الدراسات التي تقف على تخوم المشكلة لكنها لا تتوغل في أسبابها الحقيقية.
نصفنا يشكو نفسيا
العرض العادي
