عوامل وأسباب تواجه المال العام كي تهدره بشكل مباشر أو غير مباشر بتضييعه على مشروعات يأسف المرء عندما يشاهدها بعد انتهائها أو يسمع أخبار تأخرها وتعثرها التي أصبحت تشغل معظم الوسائل الإعلامية إلى حد أن انتهاء أي مشروع بصورة جيدة يصبح أمرا نادرا وحدثا سعيدا يحتفي به المجتمع.
صحيح أن العنصر البشري هو الأساس في الخراب الذي نعاني منه، لكنه لم يكن قادرا على ذلك لو كانت لدينا أنظمة تمنع الفساد أو تحد منه كأضعف الإيمان. وهنا لا نتحدث عن أنظمة محاسبة الفاسدين والمقصرين بعد وقوع الضرر علينا وإنما الأنظمة التي تحمل في تفاصيلها ثغرات واسعة كفيلة بتشويه أي مشروع وقادرة على تسويغ التقصير والتجاوزات وضخ المال في أرصدة الفاسدين دون مخالفة للنظام أو القفز عليه، أي أن كل ما يحدث نظامي جدا.
ولطالما سمعنا عن توجه لتعديل هذا النظام أو ذاك من الأنظمة الخاطئة في أساسها لكن الفكرة تؤجل وتؤجل لتطويها الأيام. المنتفعون من هذه الأنظمة يحرصون أشد الحرص على بقائها كما هي ويستخدمون كل صلاحياتهم لعدم المساس بها. وهذه الأيام نسمع عن توجه لتعديل بعض المواد في واحد من أسوأ الأنظمة التي أضرت بنا كثيرا، وهو نظام المنافسات والمشتريات الحكومية الذي مضى عليه وقت طويل وكأنه نصوص مقدسة لا يجوز المساس بها رغم وجود شبه إجماع على أنه لم يعد صالحا، وأنه من أشد المعطلات لمنجزاتنا والمحفزات لنهب وإهدار المال العام. فهل يا ترى يتحقق هذا التوجه أم يكشر المستفيدون منه عن أنيابهم ليرتدع الذين فكروا في تعديله؟
حمود ابو طالب
عكاظ