بطل معركة الكرامه ... الفريق الشهيد مشهور حديثه الجازي
يصادف يوم السادس من تشرين الثاني الذكرى الخمسة لوفاة البطل الأردني الكبير الفريق مشهور حديثة الجازي بطل معركة الكرامة عام 1968 والقائد العسكري والرمز الوطني الذي يثير الفخر لجميع الأردنيين عليه رحمه الله تعالى.
لست مؤرخا ولا باحثا في تاريخ الأردن كما أنني لم أعاصر الأحداث الجسام التي مرت على الأردن في الستينات والسبعينات ولكن يمكن القول وبسهولة أنه لو أردنا وضع قائمة بأخطر خمس قرارات تم اتخاذها في تاريخ الأردن الحديث فإن قرار الفريق الركن مشهور حديثة بفتح النار على الجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة في الحادي والعشرين من آذار 1968 من أهم هذه القرارات وأكثرها شجاعة.
بعد هزيمة 1967 والصبر الطويل على الانتهاكات الإسرائيلية للحدود الأردنية خرج من جيشنا العربي هذا الأردني البدوي الأصيل والذي قرر استنادا إلى صفات رجولة متناهية أن يفتح النار ويدعم الفدائيين ويحقق بالتالي للجيش الأردني أول نصر عسكري عربي على العدو الإسرائيلي، بالرغم من أن الكثيرين حاولوا اختطاف هذا النصر من الأردن ومن الفريق الجازي شخصيا أو حتى تهميشه أحيانا.
البطل مشهور حديثة، هو الرمز الذي يمثل شجاعة الجندي الأردني في أبهى صورها وكذلك نظافته ووطنيته التي لا يشكك فيها، ففي فترات بيع الولاء تمسك مشهور حديثة بوطنيته ولم يعتل ظهر دبابة ليقوم بانقلاب عسكري ومن ثم يعكس مساره ويصبح قمعيا من أجل التكفير عن خطأه ويزاود على الشرفاء بالوطنية، ولم يكسب من الجيش القصور ولا الأموال ولا البذخ بل كسب الشهامة والبطولة والنصر، وهو كل ما يحلم به قائد عسكري.
في أصعب أيام الأردن في عام 1970 كان مشهور حديثة يحاول منع اشتعال النيران، وكانت صداقته مع الفدائيين ومصداقيته وسيلة لمحاولة منع الفتنة ولكن النوايا السيئة كانت أكبر من محاولاته، وعندما بات الخيار حاسما اختار الدولة الأردنية ولكنه لم يفقد قوميته وبقي في طليعة من يدافع عن فلسطين الأرض والرمز.
كم نحس بالخسارة عندما يرحل الأبطال، وكم نحس بغياب مثل هذه الرموز الوطنية النظيفة التي بنت الأردن دون أن تنتظر مكافأة مالية أو منصبا هاما وبدون أن تتلقى ثمن الولاء، نفتقده في زمن بات فيه الصغار يتشدقون بالوطنية والشجاعة. تفتقد مشهور حديثة في زمن بات فيه "الأردني" يعاني من مشكلة هوية ويخضع لتقلبات المزاج السياسي ولكنه في النهاية يعود ليكون مثل مشهور حديثة: الرجل الشهم الذي يكون في طليعة المدافعين عن قيم الوطنية وأخلاقيات الأردني المعروفة.
لا نعلم ماذا ترك مشهور حديثة من أوراق ووثائق حول حياته الفريدة من نوعها ولكننا كجيل شاب نطالب كل من عرف الفقيد أن يعمل على نشر وتوثيق حياته وكفاحه في سبيل الأردن وفلسطين لتكون عبرة ومرشدا للكثير من الأردنيين الذين ينظرون الآن إلى "رموز" لم تقدم للأردن شيئا في حقيقة الأمر وليعلموا من هو مشهور حديثة ويتعلموا من سيرته كيف يكون المرء أردنيا وطنيا نظيفا.
رحم الله فقيد الأردن وصانع نصر الكرامة علنا نحظى بأمثاله في فترة بات فيها عمالقة مثله كالعملة النادرة.