فارس بن حزام
من احباط العمليات واكتشاف الخلايا، مروراً بالقبض على الممولين والمحرضين والدعائيين الإعلاميين، وصولاً إلى الاقتراب من المصادر الخارجية أفراداً ودولة عربية شقيقة. هذا ما هو متغير في ملاحقة "القاعدة" في السعودية خلال العام المنصرم، ألفين وسبعة.
عام ألفين وسبعة لم نشهد خلاله إلا عملية واحدة للتنظيم، تلك التي وقعت في منطقة المدينة المنورة بقتل 4فرنسيين أواخر شهر فبراير. وفي المقابل نجح الجهاز الأمني في القبض على 343"قاعديا" ينتمون إلى 23خلية من مختلف المناطق، محبطاً خلالها تنفيذ ما يزيد على 70عملية، إضافة إلى سقوط المعتدين على الفرنسيين قبل انقضاء العام.
عام مختلف للأمن السعودي، فقد تمكن من تسجيل عدة أهداف في مرمى "القاعدة"، وحاصر أنصاره في مدرجاتهم انتظاراً لأهل العلاج والحصانة الفكرية، الذين ظلوا متفرجين على ما يجري، وكأنه لا يعنيهم وليس على أرضنا وليس ضحاياه الوطن وشبانه.
عام يواصل فيه الأمن السعودي تضحياته لأجل الوطن، وعام آخر يمضي وأهل العلاج الفكري في صمت ومتابعة، وكأنهم في انتظار نهاية مباراة بين طرفين، ليصفقوا للفائز وينحازوا إليه. مضى العام ومازال الكثير من رجال الدين الجماهيريين على الحياد في المعركة الوطنية.
عام آخر يمضي من دون أن يتمكن أي شخص من استيعاب التجنيد في بلادي؛ تجنيد المراهقين والنساء ومخالفي نظام الإقامة.
في عامنا المنصرم كان للأمن الوصول إلى الممولين، فشهدنا اعتقالات الرياض والقصيم وسقوط رجال أعمال تكفلوا منذ سنوات في الضخ المالي لعناصر التنظيم، تمويلهم كأفراد وتمويل عملياتهم، وإسهام في تمويل المقاتلين في العراق أيضاً.
العثور على الممولين الرئيسيين مدانين بأعمالهم كان متعسراً في مطلع الأحداث. تطلب الأمر جهداً وبحثاً، وتساقط أفراد، وقياديون بالدرجة الأولى.
سقوط القياديين أحياء في قبضة الأمن غير من معطيات الملاحقة الأمنية، فأثمرت نتائج وأسراراً كانت تموت بمقتل القياديين الكثر، الذين انتهوا في ساحات المواجهات في غير مدينة. قتل العييري والحاج والمقرن والقطيني والمجاطي والحياري والعوفي والفراج، وبقيت منهم أشياء صغيرة لم تنفع كثيراً.
في عامنا المنصرم سجلنا عنصراً جديداً أيضاً؛ المحرضين والمنظرين. ففي كل عام كان يقبض على مثل هؤلاء. لعل أشهرهم الثلاثي "الخضير والفهد والخالدي" في طوق أمني واحد وفي ظرف ساعة. كان ذلك منتصف العام ألفين وثلاثة. الحال هذا العام تغير في الوصول إلى أكاديميين وغيرهم ساندوا "القاعدة" وأفرادها، وقدموا وجهاً معاكساً للدولة والمجتمع.
وآخر الضربات الأمنية، والتي بدأت تباشيرها تلوح في الأفق في انتظار الإعلان الرسمي: الداعمون من الخارج !
ولا أعني أفراداً أو تنظيمات صغيرة أو حتى كبيرة ك"قاعدة العراق" أو "قاعدة أفغانستان"، فالأمر أوسع وأكثر دهشة؛ هو دعم دولة انشغلت عن تنمية بلدها بإعادة تركيب "القاعدة" المتفككة في بلادي.
عام مختلف تجلت فيه أشياء كثيرة كانت غائبة في السنوات الأولى، وذهبت "القاعدة" إلى أبعد نقطة ممكنة لها في التخطيط لاغتيال رجال دين، وفي مقدمتهم مفتي عام البلاد، ووزراء ومنشآت نفطية في مواقع مدنية، وإلى أبعد نقطة قد لا تخطر على بال القارئ.