هل يجوز الاحتفال بيوم الأم؟
الأخ (محمود. م) يسأل: "هل يجوز الاحتفال بيوم الأم، أم هو حرام، خاصة والناس يسمونه عيداً، وفيه تشبه بالغربيين الذين اخترعوه وروّجوا له"؟
الخلاصة
يجوز للمسلم إبداء حبه واحترامه وتقديره لأبويه بما يحقق مقاصد الشريعة في بر الوالدين ولا يتعارض مع أحكامها وآدابها.
بر الوالدين
أمر الإسلام ببر الوالدين وقرن اسمهما باسم الله تعالى، كما في قوله عزّ من قائل: {وَقَضَىرَبُّكَ أَلاَّتَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء/23]، وقال: {أَنِ اشْكُرْلِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان/14]، وقال: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ألا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً} [البقرة/ 83].
وقال سبحانه في حسن عشرتهما :{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْكِلاَهُمَا فَلاَتَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَتَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء/23-24]، وقال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان/15].
وأحاديث بر الوالدين لا تعد ولا تحصى، وإليك نموذجاً منها يقدم فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) البر على الجهاد في سبيل الله تعالى، فتأمل وافهم مقصوده، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟قال: ثم الجهاد في سبيل الله"، وفي البخاري عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لرجل استأذنه في الجهاد: "أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد"،وفي الترمذي عن عبد الله بن عمرو أيضاً النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد"، وروى النَّسائي عن الصحابي معاوية بن جاهمة، قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: "هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها"، وأنظر إلى التحذير من البشير النذير (صلى الله عليه وسلم) في صحيح مسلم عن أبي هريرة: "رَغِم أنفه، رَغِم أنفه، رَغِم أنفه، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عنده الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة".
الغربيون هم الذين يقلدوننا ولسنا نحن
الاحتفال يوم الأم، وإن كان الغربيون قد اخترعوه إلا أن ما تقدم من حث على بر الوالدين يخرجه من دائرة التشبه، بل كأني بهم هم المتشبهون بنا في تكريم الوالدين وبرهما، غير أن تكريم المسلم لأبويه لا يقتصر على يوم أو يومين بل هو على مدى عمره، حتى بعد وفاتهما كما ورد في الأحاديث الكثيرة الحاثة على بر أهلهما وصاحبهما بعد وفاتهما.
ولا يجوز في حال من الأحوال تسمية هذا اليوم بالعيد إلا أن يقصد المعنى اللغوي وهو عودته سنة بعد سنة، فلا يوجد في الإسلام إلا عيدان شرعيان تعبديان هما الفطر (العيد الصغير) ويأتي عقب رمضان، والأضحى (العيد الكبير) ويأتي مع يوم النحر في العاشر من ذي الحجة.
تنبيه
لا يصح تقليد غير المسلمين من اليهود والنصارى في حال من الأحوال على سبيل التبعية والتأييد، لا في الدين ولا في العادات، ويجوز الاستفادة من خبراتهم وإجراءاتهم الإدارية ومخرجاتهم العلمية فيما يعود على الأفراد والمجتمع والأمة المسلمة بفائدة شرط ألا تتعارض مع نص صحيح صريح من نصوص الشريعة، أو حكم من أحكامها.
والله تعالى أعلم وأحكم
وكتبه صلاح الدين سليم أرقه دان