الإشكال قد لا يكون في وجود جني من عدمه لأن ما يحسمه القرآن لا يشكل لغطاً لمن يريد إعمال عقله كما أراد بذلك رب العباد..؟ أبدا بل الإشكال في تصوير كل شيء بصورة الانكسار والضعف والتخلي عن ادنى درجة من المسؤولية..؟؟ والاختلاف ليس بوجود الحسد أو العين كما نحب تسميتها..؟ أبداً ولكن الاشكال ايضاً يتعمق في حالة الانكسار والضعف في مواجهة الحقيقة..؟ بعضنا يهرب من الواقع إلى أحلام اليقظة فتجده ينام وهو جائع ويستيقظ وقد أصبح مليونيراً يتغدى في لندن ويتعشى في باريس ولا بأس أن يقضي بعض سهرته في كان..؟ الأكيد أنه لن يتغدى ولن يتعشى ولكن قد يسهر في سطح منزله أو غرفته المظلمة ان لم يكن أساساً داخله نور الرضا ونور العمل وشعلة الانتاج..؟
الخطورة أن تتسرب تلك الأفكار إلى وجدان العاملين على التنشئة الاجتماعية في الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والإعلام وتتغلغل الى عمق الاعتقاد بحتمية الجن والحسد مع كل مرض نفسي أو عقلي ونرفض بناء على ذلك مواجهة آلامنا ومشاكلنا ونكتفي بالتقوقع داخل فكرة الانسحاب نحو الحسد والجن ونتخلى عن مسؤوليتنا في الفشل تارة أو التعامل مع أمراضنا النفسية بوعي لا يجد حرجاً في دخول عيادة الطبيب النفسي كما ندخل عيادة أي طبيب لعلاج آلام بطوننا المتعبة غالبا بتراكم أنواع الأطعمة المتناقضة أو أرجلنا المتعبة بانزلاقات التسوق تارة والسرعة تارة أخرى.. الخطورة حين يتغغل الاعتقاد المطلق بالحسد في وجدان المعلمة لأن ذلك سوف يوجه فكرها وتنقله عبر المنهج المساند أو المنهج الخفي أو المنهج الحر لوجدان الطالبات مما يعني معه تعميم ذلك الفكر وتغلغله في مساحة اجتماعية أكبر وهنا عمق اضافي لخطورة المنهج الخفي أو المنهج الخاص بفكر المعلم والمعلمة..؟ يقينية الحسد والسحر باتت تحرك كثيراً من عقول نساء المجتمع السعودي وبطريقة تبعد الإنسان أحيانا عن يقينه الإيماني المرتبط بربه اتكالا وإيمانا بقضائه وقدره دون بحث عن مبررات تكفيه عبء تحمل المسؤولية وإلقائها على الغير..؟
سلبية المنهج في التفكير تجعل الإنسان يتخلى عن مسؤوليته وينظر للأمر من زاوية البحث دائماً عن شماعة تقلل من مسؤوليته تجاه اخطائه..
استشعار البعض الألم والبحث عن الشفاء دون مواجهة الأمر يضيف ألماً آخر..؟ بل ويؤجل الشفاء خاصة وان بعض المشاكل الاجتماعية مواجهتها في البدء وبشكل سريع وحاسم تمثل علاجا أساسيا.. وبعض الأمراض النفسية مواجهتها مبكراً أيضا يمكن أن تساعد على فعالية العلاج.. أما الاتكاء على تعميم فكرة الانسحاب فإنها مخاطرة تزداد عندما تكون جزءاً من ثقافة نساء وأحيانا رجال يفترض أنهم الصفوف الأولى في عمليات التنشئة الاجتماعية..
بقلم د. هيا عبد العزيز المنيع