السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمهيد وإهداء
أتشرف بإهداء هذا العمل ، لمنارة العلم بمنتديات الحويطات
الدكتورة الفاضلة ( أم الفهد ) التي ألهمني موضوعها (ملكة الرياضيات)
أن أغوص في بحر ذكرياتي (الضحل) لأستخرج منه مدادا ، أسطر به حروف
وكلمات وجمل هذا الموضوع ، وأرجو تفضلها ، بقبوله (على تواضعه) ،
وأستسمح عواطفها النبيلة ،، أن يكون الإهداء موصولا لكل من يسعدني تواجده
الدائم على سطح مركبي الصغير ألذي أخوض به أمواج بحر الذكريات !!
****************
( جيلنا والرياضيات !!!!! )
بدأ جيلنا ،، (وأجيال سبقته) ،، العلاقة مع الرياضيات من الـكـتـاتـيـب إلى المرحلة الابتدائية
بمادة واحدة كانت تسمى (الحساب) ،، وهو أكثر مادة عانى منها الطلاب ،، لدرجة اعتقادنا
بمقولة اشتهرت بيننا كطلاب (وهي بالتأكيد خاطئة) ،، حيث كنا نقول :
كل شاطر في (الإملاء) يكون بليدا في (الحساب) ، ربما كان لاعتقاد خاطئ أن العقل البشري
لا يمكن أن يتسع لإتقان المادتين في آن واحد !!!!! كما أذكر أننا كنا نردد كلمات أغنية ،،
أو (مونولوج) ربما ورد إلينا من مصر الشقيقة ، (ولا أتذكر كلماتها بالدقة ) ، نقول فيها :
أما الحساب !!! والله عذاااب ،، من مسائله ،، عقلي ذااااب !!!
جا الاستاذ وكشف حالي ،،،، الخمسة في ستة مهي في بالي !!!
رح متحول على جاااري ،،، هـُوَّه الآخر مهو دااري !!!
استمر (الحساب) معنا ، كمادة وحيدة للرياضيات إلى الصف الرابع الابتدائي ،، حيث ترافقه
في الصف الخامس شقيقته مادة (الهندسة) ،، ويستمران معا حتى الصف الأول المتوسط ،،
وكم كان الواحد منا يشعر بالفخر والسعادة في بداية العام الدراسي (للصف الخامس) عند اقتنائه
أهم لوازم (الهندسة) ، تلك العلبة المعدنية الصغيرة التي تحتوي المنقلة والفرجار بنوعيه ذي
السنتين ، والذي تركب فيه المرسمة ! ، والمثلثات ومسطرة ومرسمة صغيرتين ،، ومحاية !!!
وسرعان ما تنقلب تلك السعادة إلى معاناة مع استخدام تلك الأدوات لرسم خط مستقيم أوإسقاط
عمود ،، أو رسم دائرة ، لا نفرق بين رسمها بمعلومية قطرها أو نصف قطرها ،، خصوصا
إذا طلب منا في مسألة أن نرسم دائرة قطرها ( مثلا 12سم) ،، وبدون فهم للمطلوب ، نفتح
الفرجار فتحة بمقدار 12 سم ( والمفروض أن تكون 6سم) ،، ونحاول رسم الدائرة في صفحة
الدفتر !!! فيتجاوز محيطها عرض الدفتر !!! ولا ندرك الخطأ ! فنتصور أن الذي وضع السؤال
لا يعرف حجم الدفاتر (أبو 40 ،، وأبو 60 ... إلخ) الجاري استخدامها في مدارسنا !!
كان الحساب من المرحلة الابتدائية حتى الصف الأول المتوسط عبارة عن مادة تعلمنا منها
خصائص الأعداد الفردية والزوجية ، الأولية منها وغير الأولية ، والعلاقات بينها من قواسم
ومضاعفات مشتركة وكذلك العمليات الحسابية المختلفة بدءا من الجمع والطرح والضرب
والقسمة ، ومرورا بالكسور العددية منها والعشرية وانتهاءا بالأسس والقوى ،، وعمليات
حساب الربح البسيط والربح المركب ،،
أما في الصف الثاني المتوسط فيتوقف تدريس مادة الحساب ،، ويحل محلها مادة الجبر
التي ترافقنا مع مادة الهندسة ومواد رياضية أخرى (سيأتي ذكرها لاحقا) حتى الانتهاء
من المرحلة الثانوية من مراحل التعليم العام ،،
يبدأ منهج مادة الجبر بلمحة تاريخية عنه ،، وعن دور علماء العرب والمسلمين في تأسيسه
كمادة علمية لم يسبقهم إليها أحد من الأمم السابقة ،، والتعريف بمبادئه التي أعتمد عليها في
تبسيط حل المسائل الحسابية التي كانت من الأمور المعقدة التي يحار عندها العقل البشري !!
أما الهندسة فتنقسم (اعتبارا من الصف الأول المتوسط) إلى جانبين (نظري) يتولى تدريسه
مدرس الرياضيات وتتناول الحقائق والبديهيات والنظريات ، وجانب عملي يهتم بتعليم مهارات
استخدام الأدوات الهندسية ( مادة الرسم الهندسي ) ، وكان يتولى تدريسها متخصصون في هذا المجال ،
(غالبا من خريجي المعاهد الفنية والمساحة ) ويستمر تدريسها حتى مرحلة الصف الأول ثانوي ،،
وأعتقد أنها لم تعد تدرس حاليا في مراحل التعليم العام !!!!
وعلى ذكر الصف الثاني المتوسط ،، أتوقف عن السرد التاريخي قليلا ،، لأتناول ذكرياتي
الخاصة عن هذه (السنة الدراسية) حيث كانت نقطة تحول في حياتي الدراسية بشكل عام
وعلاقتي بالرياضيات بوجه خاص ،، وذلك أنني أعدت تلك السنة بسبب مادة الرياضيات ،
ولا أعتقد أنه كان ينقصني الذكاء (ولله الحمد) لكي أكون مستوعبا للمادة ،، بقدر ما كان هناك
خلل في طريقة تدريسها ، وربما كان الخلل عاما في العملية التعليمية بشكل عام بما فيها
العلاقة بين البيت والمدرسة التي كانت شبه مقطوعة !!!! فحتى السنة التي أعدتها لم تقربني
أو تسهل لي بناء علاقة جيدة بالرياضيات ،، حتى اضطر الوالد (حفظه الله) للاتفاق مع مدرس
خصوصي كان جارا لنا ،، ليدرسنا الرياضيات ومواد أخرى ،، جزا الله خيرا ذلك المدرس ،
( جميل عودة ) ، كان صاحب فضل كبير علي ،، أتخيل (حاليا) أنه استطاع تنظيم خارطة
حاسوبي (دماغي) وقام بتصحيح وضع ترانزستوراته وتنظيم دوائره الكهربائية لتعمل بشكل
صحيح ،، أقنعني بما قلته قبل قليل ( أنه ما كان ينقصني الذكاء ، لأكون مستوعبا للرياضيات )
التي أصبحت فيها والحمد لله من المتفوقين بدءا من منتصف ذلك العام الدراسي وحتى حصولي
على شهادة الثانوية العامة دون الحاجة للدروس الخصوصية اعتباراً من الصف الثالث المتوسط .
أعود للسرد التاريخي ( من منظوري الخاص) لقصة جيلنا مع الرياضيات ،، ولعل من المهم هنا
أن أذكر أن الرياضيات التي كانت تضم مادتين أو أكثر في المرحلة المتوسطة كانت تدرس كل مادة
منها بمنهج مستقل وحصص أسبوعية خاصة بكل مادة ، وكذلك أداء امتحاناتها الشهرية والنهائية
ولكنها كانت تسجل في كشوف الدرجات الشهرية ، وشهادة آخر العام باسم مادة واحدة هي
الرياضيات ويكفي للنجاح فيها الحصول على 50% من مجموع درجات موادها !! وتم تغيير هذا
النظام في السنة التي كنت فيها في الصف الثالث المتوسط ، وأصبحت كل مادة مستقلة بدرجاتها !
وفي المرحلة الثانوية يبقى وضع الرياضيات في الصف الأول الثانوي على ما هو عليه في المرحلة
المتوسطة ، تمهيداً لتوسع عريض في العامين التاليين بحكم بدء مرحلة التخصصين العلمي والأدبي
وفي الصف الثاني الثانوي (القسم العلمي) ، يظهر علم حساب المثلثات كمادة جديدة في عائلة
الرياضيات يقتضي التعامل معها ومع شقيقتها مادة الجبر الاستعانة بالجداول الرياضية
لحل مسائلها المعقدة المشبعة باللوغاريتمات ودوال الزوايا الـ ( ظا ، جا ، جتا )
وأخواتها وبنات عمومتها ، وتلك الجداول التي لم نكن نستغني عنها حتى في أداء الامتحانات ،
قد انقرضت ، وحل محلها لاحقا الآلات الحاسبة !!
وزاد التوسع في العائلة الرياضية في المرحلة الأخيرة من الثانوية ( التوجيهية) ،
بانقسام مادة الهندسة إلى هندسة تحليلية ، وهندسة فراغية ،
واستمرار الجبر وحساب
المثلثات ، والميكانيكا ، والعجيب أن عائلة الرياضيات تبنت الميكانيكا في أيامنا ،
رغم أنها تنتمي لعائلة أخرى هي عائلة الفيزياء ، التي تعود في أصلها إلى قبيلة العلوم
المتفرعة إلى الفيزياء والأحياء والجيولوجيا والكيمياء العامة وتوأمها الكيمياء العضوية ،،
وأعتقد أن هذا الوضع تم تصحيحه حاليا !!!!
كما أذكر من رياضيات المرحلة الثانوية بعض المصطلحات ( إسما فقط ) التي لم يعد لها وجود في
حياتي العملية بحكم التخصص والتوقف عن مواصلة الدراسات العليا ، من ذلك ما يسمى بنظرية
ذات الحدين والتباديل والتوافيق ، وأصبحت في حصيلتي العلمية المتواضعة أثرا بعد عين !!!!
والجدير بالذكر أن الرياضيات الحديثة لم تقرر في مراحل التعليم العام في جيلنا ومن سبقنا ،، فلم
نتعرف على التفاضل والتكامل ، والمعادلات التفاضلية إلا في المرحلة الجامعية ،، ولم يكن مطلوبا
منا الغوص في أعماق بحر الرياضيات الواسع ،، وكل ما كان يلزمنا منها ، هو تجاوز المتطلبات
الجامعية وشيئا مما يستفاد منه لبعض المقررات الهندسية حسب التخصص ،،،،
هذا ما جادت به الذاكرة ،، فأرجو أن تكون قد غطت جانبا كبيرا من الموضوع
وإن حصل نقص أو عدم دقة في الوصف ،، فاعذروني على تقصيري في تقديم
ما هو أفضل ،، فالكمال لله وحده ،،
والحمد لله رب العالمين ،،
عمكم العود
أبو ياسر
جـيـلـنـا والـريـاضـيــات
،، وش يدرسون ؟؟؟؟؟
العرض العادي
